للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الِاشْتِرَاطِ فَيَنْبَغِي لِلْكَاتِبِ أَنْ يَقُولَ: وَشَرْطُ النَّظَرِ لِفُلَانٍ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْأَشْكَالِ.

(الثَّامِنَةُ) هَذَا كُلُّهُ فِي شَرْطِ النَّظَرِ لِمُعَيَّنٍ، فَإِنْ كَانَ لِمَوْصُوفٍ مِثْلَ قَوْلِهِ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِي فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْقَبُولَ قَطْعًا، وَيَكُونَ كَوْنُهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ الْمُعَيَّنِ وَلَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ فِيمَا إذَا جَعَلَ النَّظَرَ لِاثْنَيْنِ مِنْ أَفَاضِلِ وَلَدِهِ، وَفِيهِمْ فَاضِلَانِ فَلَمْ يَقْبَلَا الْوِلَايَةَ اخْتَارَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُمَا وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ.

(التَّاسِعَةُ) أَنَّ هَذَا الِاشْتِرَاطَ مِنْ الْوَاقِفِ هَلْ هُوَ تَوْكِيلٌ، أَوْ كَوَقْفِ جُزْءٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ، أَوْ شَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ النَّوْعَيْنِ؟ أَمَّا كَوْنُهُ تَوْكِيلًا فَبَعِيدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَوْكِيلًا لَتَمَكَّنَ الْوَاقِفُ مِنْ عَزْلِهِ، وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا التَّصَرُّفُ خَرَجَ عَنْ الْوَاقِفِ بِالْوَقْفِ فَكَيْفَ يُوَكِّلُ فِيهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ كَشَرْطِ جُزْءٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ فَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَقْتَضِيهِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمَا جَازَ شَرْطُ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ إذَا مَنَعْنَا وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّ هَذَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْوَقْفِ خَارِجٌ عَنْ النَّوْعَيْنِ مَكَّنَ الشَّارِعُ الْوَاقِفَ مِنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ رَقَبَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ فَالرَّقَبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْفَعَةُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَشْتَرِطُهُ الْوَاقِفُ وَالتَّصَرُّفُ أَيْضًا يَكُونُ عَلَى مَا يَشْتَرِطُهُ الْوَاقِفُ، وَلَيْسَ كَالتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ إلَّا بِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوَلِّي نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ شَرْطٌ يُفِيدُ إذْنًا لَوْلَاهُ لَكَانَ مَمْنُوعًا.

(الْعَاشِرَةُ) إذَا تَبَيَّنَ حَقِيقَةَ هَذَا الشَّرْطِ، فَلَيْسَ بِعَقْدٍ وَالْعَزْلُ وَالِانْعِزَالُ وَالْفَسْخُ وَالِانْفِسَاخُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ عَزَلَ الْمُودِعُ نَفْسَهُ فَوَجْهَانِ إنْ قُلْنَا: الْوَدِيعَةُ عَقْدٌ ارْتَفَعَتْ، وَإِنْ قُلْنَا: مُجَرَّدُ إذْنٍ فَالْعَزْلُ لَغْوٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي تَنَاوُلِ طَعَامِهِ لِلضِّيفَانِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَزَلْت نَفْسِي يَلْغُو قَوْلُهُ.

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) إذَا قُلْنَا: يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَبْطُلَ هَذَا الشَّرْطُ، وَإِذَا اقْتَرَنَ بِالْوَقْفِ شَرْطٌ بَاطِلٌ فَهَلْ يَبْطُلُ؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ وَقْفَ تَحْرِيرٍ كَالْمَسْجِدِ لَمْ يَبْطُلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُ الْوَقْفِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>