فِي حَالَةِ الْمَوْتِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مَسْكُوتٌ عَنْهَا؟ الْأَقْرَبُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ غَيْرِ الْمَوْتِ بِالْمَوْتِ إنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ وَالْقِيَاسُ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِي الْأَوْقَافِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ابْنِ شَدَّادٍ وَغَيْرِهِ قَصْدُ الْوَاقِفِ عَيْنَهُ، فَهُوَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَغَيْرُهُ إنَّمَا هُوَ مَقْصُودٌ بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُدَرِّسًا وَهِيَ صِفَةٌ تَقْبَلُ الزَّوَالَ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ التَّدْرِيسِ.
هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُوصَى إلَيْهِمْ أَمَّا إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ فَقَدْ قَالَ الْوَاقِفُ إنَّ قَاضِيَ الْقُدْسِ الْأَصْلِيِّ يُعَيِّنُ مُدَرِّسًا، فَإِذَا عَيَّنَّ يَصِيرُ مُدَرِّسًا نَاظِرًا، وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا كَانَ صَالِحًا لَهُمَا، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَرِّسًا يَصْلُحُ لِلتَّدْرِيسِ دُونَ النَّظَرِ هَلْ يَمْتَنِعُ، أَوْ يَجُوزُ وَيُقَامُ نَاظِرٌ كَمَا يُقَامُ غَيْرُ الَّذِي شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي، بَلْ يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ وَلِهَذَا مَا ذَكَرَ الْوَاقِفُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَصِيرُ الَّذِي عَيَّنَهُ قَاضِي الْقُدْسِ مَشْرُوطًا لَهُ التَّدْرِيسُ وَالنَّظَرُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ كَمَا يَتَلَقَّى النَّظَرَ الثَّانِي عَنْ الْوَاقِفِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ، فَإِذَا مَاتَ هَذَا الْمُدَرِّسُ وَقَدْ قَضَى وَأَوْصَى إلَى مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّدْرِيسِ وَالنَّظَرِ اسْتَحَقَّهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي ابْنِ شَدَّادٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ، هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنَازِعَ فِيهِ غَيْرِي وَيَسْتَنْكِرَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ مَتْرُوكٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَمُتْ هَذَا الْمُدَرِّسُ وَلَكِنْ عَزَلَ نَفْسَهُ، أَوْ عَزَلَهُ غَيْرُهُ فَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، وَلَكِنْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ التَّدْرِيسِ يُقَامُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ، وَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ النَّظَرِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَخْرُجُ كَانَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ لِيَقُومَ مَقَامَهُ فِي مُدَّةِ امْتِنَاعِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَخْرُجُ فَهَلْ يَكُونُ النَّظَرُ لِحَاكِمِ الْقُدْسِ الْأَصْلِيِّ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ؟ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِالشَّرْطِ الَّذِي يَشْتَرِطُهُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَرَطَهُ فِي الْمَوْتِ، وَإِلْحَاقُ هَذِهِ الصُّورَةِ بِهِ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ فِي الْأَوْقَافِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْعَامِّ مِنْ كَوْنِهِ قَاضِي الْقُدْسِ فَنَعَمْ وَيُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ مِنْ الْقَاضِي الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مُتَوَلِّي الشَّامِ وَنَائِبِ الشَّامِ وَالسُّلْطَانِ فَمَنْ سَبَقَتْ تَوْلِيَتُهُ مِنْهُمْ نَفَذَتْ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ بَهَاءَ الدِّينِ بْنَ شَدَّادٍ فَوَّضَ النَّظَرَ وَحْدَهُ إلَى شَخْصٍ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ إلَى شَخْصٍ يُسَمَّى بَدْرَ الدِّينِ بْنَ الِاسْتِدَارِ، وَنَازَعَ الشَّيْخُ صَلَاحُ الدِّينِ الْمُدَرِّسَ فِي النَّظَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute