أخبرنا عبد الرحمن بن محمد نا أحمد بن علي بن ثابت نا التنوخي ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أبي صابر الدلال قال وقفت على الشبلي في قبة الشعراء في جامع المنصور والناس مجتمعون عليه فوقف عليه في الحلقة غلام جميل لم يكن ببغداد في ذلك الوقت أحسن وجها منه يعرف بابن مسلم فقال له تنح فلم يبرح فقال له الثانية تنح يا شيطان عنا فلم يبرح فقال له الثالثة تنح وإلا والله خرقت كل ما عليك وكانت عليه ثياب في غاية الحسن تساوي جملة كثيرة فانصرف الفتى فقال الشبلي:
طرحوا اللحم للبزا … ة على ذروتي عدن
ثم لاموا البزاة إذ … خلعوا منهم الرسن
لو أرادوا صلاحنا … ستروا وجهك الحسن
قال ابن عقيل من قال هذا فقد أخطأ طريق الشرع لأنه يقول ما خلق الله ﷿ هذا الإنسان إلا للافتتان به وليس كذلك وإنما خلقه للاعتبار والامتحان فإن الشمس خلقت لتضئ لا لتعبد وبإسناد عن أحمد بن محمد النهاوندي يقول مات للشبلي ابن ولد كان أسمه عليا فجزت أمه شعرها عليه وكان للشبلي لحية كبيرة فأمر بحلقها جميعها فقيل له يا أستاذ ما حملك على هذا فقال جزت هذه شعرها على مفقود ألا أحلق أنا لحيتي على موجود وبإسناد عن عبد الله بن علي السراج قال ربما كان الشبلي يلبس ثيابا مثمنة ثم ينزعها ويضعها فوق النار قال وذكر عنه أنه أخذ قطعة عنبر فوضعها على النار يبخر بها ذنب الحمار وقال بعضهم دخلت عليه فرأيت بين يديه اللوز والسكر يحرقه
بالنار قال السراج إنما أحرقه بالنار لأنه كان يشغله عن ذكر الله قلت اعتذار السراج عنه أعجب من فعله قال السراج وحكى عنه أنه باع عقارا ففرق ثمنه وكان له عيال فلم يدفع إليهم شيئا وسمع قارئا يقرأ أخسئوا فيها فقال ليتني كنت واحدا منهم قلت وهذا الرجل ظن أن الذي يكلمهم هو الله تعالى والله لا يكلمهم ثم لو كلمهم كلام إهانة فأي شيء هذا حتى يطلب قال السراج وقال الشبلي يوما في مجلسه إن لله عبادا لو بزقوا على جهنم لأطفؤها قلت وهذا من جنس ما ذكرناه عن أبي يزيد وكلاها من إناء واحد وبإسناد عن أبي علي الدقاق يقول بلغني أن الشبلي اكتحل بكذا وكذا من الملح ليعتاد السهر ولا يأخذه النوم.
قال المصنف ﵀: وهذا فعل قبيح لا يحل لمسلم أن يؤذي نفسه وهو سبب للعمى ولا