للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دوانق وقال سهل بن عبد الله من طعن في الاكتساب فقد طعن على السنة ومن طعن على التوكل فقد طعن على الإيمان.

قال المصنف قلت: قلة العلم أوجبت هذا التخطيط ولو عرفوا ماهية التوكل لعلموا أنه ليس بينه وبين الأسباب تضاد وذلك أن التوكل اعتماد القلب على الوكيل وحده وذلك لا يناقض حركة البدن في التعلق بالأسباب ولا أدخار المال فقد قال تعالى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾ أي قواما لأبدانكم وقال : "نعم المال الصالح مع الرجل الصالح" وقال : "إنك تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" واعلم أن الذي أمر بالوكل أمر بأخذ الحذر فقال: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ وقال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ وقال: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً﴾ وقد ظاهر رسول الله بين درعين وشاور طبيبين واختفى في الغار وقال من يحرسني الليلة وأمر بغلق الباب وفي الصحيحين من حديث جابر أن النبي قال: "اغلق بابك" وقد أخبرنا أن التوكل لا ينافي الاحتراز.

أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي نا عبد الله بن يحيى الموصلي ونصر بن أحمد قالا أخبرنا أبو الحسين بن بشران ثنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر القرشي ثنى أبو جعفر الصيرفي ثنا يحيى بن سعيد ثنا المغيرة بن أبي قرة السدوسي قال سمعت أنس بن مالك يقول جاء رجل إلى النبي وترك ناقته بباب المسجد فسأله رسول الله عنها فقال أطلقتها وتوكلت على الله قال اعقلها وتوكل.

أخبرنا أبن ناصر نا أبو الحسين بن عبد الجبار نا عبد العزيز بن علي الأزجي نا إبراهيم بن محمد بن جعفر نا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر ثنا أبو بكر الخلال أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ثني عبد الرحمن بن محمد بن سلام ثنا الحسين بن زياد المروزي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول تفسير التوكل أن يرضى بما يفعل به وقال ابن عقيل يظن أقوام أن الاحتياط والاحتراز ينافي التوكل وإن التوكل هو إهمال العواقب وإطراح التحفظ وذلك عند العلماء هو العجز والتفريط الذي يقتضي من العقلاء التوبيخ والتهجين ولم يأمر الله بالتوكل إلا بعد التحرز واستفراغ الوسع في التحفظ فقال تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ فلو كان التعلق بالاحتياط قادحا في التوكل لما خص الله به نبيه حين قال له: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ وهل المشاورة الا استفادة الرأي الذي منه يؤخذ التحفظ والتحرز من العدو ولم يقنع في الاحتياط

<<  <   >  >>