للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لسكرهم كذلك هذا الطرب الذي يسميه أهل التصوف وجدا إن صدقوا فيه فسكر طبع وإن كذبوا فنبيذ ومع الصحو فلا سلامة فيه مع الحالين وتجنب مواضع الريب واجب واحتج لهم ابن طاهر في تريفهم الثياب بحديث عائشة قالت نصبت حجلة لي فيها رقم فمدها النبي فشقها.

قال المصنف : فانظر إلى فقه هذا الرجل المسكين كيف يقيس حال من يمزق ثيابه فيفسدها وقد نهى رسول الله عن إضاعة المال على مد ستر ليحط فانشق لا عن قصد أو كان عن قصد لأجل الصور التي كانت فيه وهذا من التشديد في حق الشارع عن المنهيات كما أمر بكسر الدنان في الخمور فإن ادعى مخرق ثيابه أنه غائب قلنا الشيطان غيبك لأنك لو كنت مع الحق لحفظك فإن الحق لا يفسد.

وقد أخبرنا محمد بن أبي القاسم نا حمد بن أحمد نا أبو نعيم الحاف ثنا محمد بن علي بن حشيش ثنا عبد الله بن الصقر ثنا الصلت بن مسعود ثنا جعفر بن سليمان قال سمعت أبا عمران الجوني يقول وعظ موسى بن عمران يوما فشق رجل منهم قميصه فأوحى الله ﷿ لموسى قل لصاحب القميص لا يشق قميصه أيشرح لي عن قلبه.

فصل وقد تكلم مشايخ الصوفية في الخرق المرمية فقال محمد بن طاهر الدليل على أن الخرقة إذا طرحت صارت ملكا لمن طرحت بسببه حديث جرير جاء قوم مجتابي النمار فحض رسول الله على الصدقة فجاء رجل من الأنصار بصرة فتتابع الناس حتى رأيت كومتين من ثياب وطعام قال والدليل على أن الجماعة إذا قدموا عند تفريق الخرقة أسهم لهم حديث أبي موسى قدم على رسول الله بغنيمة وسلب فأسهم لنا.

قال المصنف : لقد تلاعب هذا الرجل بالشريعة واستخرج بسوء فهمه ما يظنه يوافق مذهب المتأخرين من الصوفية فإذا ما عرفنا هذا في أوائلهم وبيان فساد استخراجه أن هذا الذي خرق الثوب ورمى به إن كان حاضرا فما جاز له تخريقه وإن كان غائبا فليس له تصرف جائز شرعا لا هبة ولا تمليكا وكذلك يزعمون بأن ثوبه كان كالشيء الذي يقع من الإنسان ولا يدري به فلا يجوز لأحد أن يتملكه وإن كان رماه في حال حضوره لا على أحد فلا وجه لتملكه ولو رماه على المغني لم يتملكه لأن التملك يكون إلا بعقد شرعي والرمي ليس بعقد ثم نقدر أنه ملك للمغني فما وجه تصرف الباقين فيه ثم إذا انصرفوا فيه خرقوه خرقا وذلك لا يجوز لوجهين:

<<  <   >  >>