للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاسم السابع الخرمية: وخرم (١) لفظ أعجمي ينبي عن الشيء المستلذ المستطاب الذي يرتاح الإنسان له ومقصود هذه الاسم تسليط الناس على اتباع اللذات وطلب الشهوات كيف كانت وطي بساط التكليف وحط أعباء الشرع عن العباد وقد كان هذا الاسم لقبا للمزدكية وهم أهل الإباحة من المجوس الذين تبعوا في أيام قباذ وأباحوا النساء المحرمات وأحلوا كل محظور فسموا هؤلاء بهذا الاسم لمشابهتهم إياهم في نهاية هذا المذهب وإن خالفوهم في مقدماته.

الاسم الثامن التعليمية: لقبوا بذلك لأن مبدأ مذهبهم إبطال الرأي وإفساد تصرف العقول ودعاء الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم وأنه لا يدرك العلوم إلا بالتعليم.

فصل: في ذكر السبب الباعث لهم على الدخول في هذه البدعة قال المصنف اعلم أن القوم أرادوا الانسلال من الدين فشاوروا جماعة من المجوس والمزدكية والثنوية وملحدة الفلاسفة في استنباط تدبير يخفف عنهم ما نابهم من استيلاء أهل الدين عليهم حتى اخرسوهنم عن النطق بما يعتقدونه من إنكار الصانع وتكذيب الرسل وجحد البعث وزعمهم أن الأنبياء ممخرقون ومنمسون (٢) ورأوا أمر محمد قد استطار في الأقطار وأنهم قد عجزوا عن مقاومته فقالوا سبيلنا أن ننتحل عقيدة طائفة من فرقهم أزكاهم عقلا وأتحفهم رأيا وأقبلهم للمحالات والتصديق بالأكاذيب وهم الروافض فنتحصن بالانتساب إليهم ونتودد إليهم بالحزن على ما جرى على آل محمد من الظلم والذل ليمكننا شتم القدماء الذين نقلوا إليهم الشريعة فإذا هان أولئك عندهم لم يلتفتوا إلى ما نقلوا فأمكن استدراجهم إلى الانخداع عن الدين فإن بقي منهم معتصم بظواهر القرآن والأخبار أوهمناه أن تلك الظواهر لها أسرار وبواطن وأن المنخدع بظواهرها أحمق وإنما الفطنة في اعتقاد بواطنها ثم نبث إليهم عقائدنا ونزعم أنها المراد بظواهرها عندكم فإذا تكثرنا بهؤلاء سهل علينا استدراج باقي الفرق ثم قالوا وطريقنا أن نختار رجلا مما يساعد على المذهب ويزعم أنه من أهل البيت وأنه يجب على كل الخلق كافة متابعته ويتعين عليهم طاعته لكونه خليفة رسول الله والمعصوم من الخطأ والزلل من جهة الله ﷿ ثم لا تظهر هذه الدعوة على القرب من جوار هذا الخليفة الذي وسمناه بالعصمة فإن قرب الدار يهتك الأستار وإذا بعدت الشقة وطالت المسافة فمتى يقدر المستجيب للدعوة أن يفتش عن


(١) خرم بضم الخاء وتشديد الراء مفتوحة بوزن سكر صفة مشبهة بالفارسي بمعنى جذلان ومسرور.
(٢) منخرقون: أي مكذبون مموهون ومنسمون أي ملبسون على الناس الحق بالباطل.

<<  <   >  >>