وقوله تعالى: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} وَالْمُرَادُ: الْإِنْسُ لِأَنَّ الرُّسُلَ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ بَنِي آدَمَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنْ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ مِنَ الْجِنِّ رَسُولًا اسْمُهُ يُوسُفَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إلا خلا فيها نذير} وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رجلا} لِيَحْصُلَ الِاسْتِئْنَاسُ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْجِنِّ وَبِقَوْلِهِ تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا} الْآيَةَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاصْطِفَاءِ النُّبُوَّةُ
وَأُجِيبَ عَنْ تَمَسُّكِ الضَّحَّاكِ بِالْآيَةِ بِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ صَادِقَةٌ بِكَوْنِ الرُّسُلِ مَنْ بَنِي آدَمَ وَلَا يَلْزَمُ إِثْبَاتُ رُسُلٍ مِنَ الْجِنِّ بِطَرِيقِ إِثْبَاتِ نَفَرٍ مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ مِنْ رُسُلِ الْإِنْسِ وَيُبَلِّغُونَهُ إِلَى قَوْمِهِمْ وَيُنْذِرُونَهُمْ وَيَصْدُقُ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ رُسُلُ الرُّسُلِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهَ رُسُلَ عِيسَى بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: {إذ أرسلنا إليهم اثنين}
وَفِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِقَوَّامِ السُّنَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ محمد بن الفضل الحوري قَالَ: قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ رُسُلٌ لِلْآيَةِ
وَقَالَ الأكثرون: الرسل من الإنس ويجيء مِنَ الْجِنِّ كَقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ بِلْقِيسَ: {فَنَاظِرَةٌ بم يرجع المرسلون} وَالْمُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يكون الخطاب لرئيسهم فإن العادة جارية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute