وَالثَّانِي: أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَالْكَلَامُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ أَيْ لَمْ يَرَهَا أصلا لأن الله تعالى قال: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بعضها فوق بعض} كان مقتضى هَذِهِ الظُّلُمَاتِ تَحُولُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَبَيْنَ النَّظَرِ إِلَى الْبَدَنِ وَسَائِرِ الْمَنَاظِرِ
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا بِمَعْنَى أراد من قوله {كدنا ليوسف} أَيْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرَاهَا
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ} مُمْتَحِنًا لِبَصَرِهِ لم يكد يخرجها ويراها صِفَةٌ لِلظُّلُمَاتِ تَقْدِيرُهُ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ يَرَاهَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أكاد أخفيها لتجزى} فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أُرِيدُ أُخْفِيهَا لِكَيْ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِسَعْيِهَا
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَيْ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى
وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {آتِيَةٌ أَكَادُ} وَالْمَعْنَى أَكَادُ آتِي بِهَا ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ {أُخْفِيهَا لِتُجْزَى}
وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَكَادُ أَخْفِيهَا بِفَتْحِ الْأَلِفِ أَيْ أُظْهِرُهَا يُقَالُ أَخْفَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا سَتَرْتُهُ وَإِذَا أَظْهَرْتُهُ
وَقِرَاءَةُ الضَّمِّ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَقِرَاءَةُ الْفَتْحِ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَ الْإِظْهَارِ وَمَعْنَى سَتَرْتُهَا لِأَجْلِ الْجَزَاءِ لِأَنَّهُ إِذَا أَخْفَى وَقْتَهَا قَوِيَتِ الدَّوَاعِي عَلَى التَّأَهُّبِ لَهَا خَوْفَ الْمَجِيءِ بَغْتَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute