كَادَ
وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ إِثْبَاتَهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيَهَا نَفْيٌ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَفْعَالِ
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تُفِيدُ الدَّلَالَةَ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ بِعُسْرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ جِنِّي
وَالثَّالِثُ: أَنَّ إِثْبَاتَهَا نَفْيٌ وَنَفْيَهَا إِثْبَاتٌ فَإِذَا قِيلَ كَادَ يَفْعَلُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وإن كادوا ليفتنونك} وَإِذَا قِيلَ لَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ فعله بدليل قوله {وما كادوا يفعلون}
وَالرَّابِعُ: التَّفْصِيلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ الْمُضَارِعِ وَالْمَاضِي فَنَفْيُ الْمُضَارِعِ نَفْيٌ وَنَفْيُ الْمَاضِي إِثْبَاتٌ بِدَلِيلٍ {فذبحوها وما كادوا يفعلون} وقوله {لم يكد يراها} مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ شَيْئًا وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي الرَّبِيعِ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ وَقَالَ إِنَّهُ الصَّحِيحُ
وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمُقَارَبَةُ فَمَعْنَى كَادَ يَفْعَلُ قَارَبَ الْفِعْلَ وَمَعْنَى مَا كَادَ يَفْعَلُ لَمْ يُقَارِبْهُ فَخَبَرُهَا مَنْفِيٌّ دَائِمًا
أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَنْفِيَّةً فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَفَتْ مُقَارَبَةُ الْفِعْلِ اقْتَضَى عَقْلًا عَدَمَ حُصُولِهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِذَا أخرج يده لم يكد يراها} وَلِهَذَا كَانَ أَبْلَغَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَرَهَا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرَ قَدْ يُقَارِبُ الرُّؤْيَةَ
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمُقَارَبَةُ مَنْفِيَّةً فَلِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِقُرْبِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي عُرْفًا عَدَمَ حُصُولِهِ وَإِلَّا لَمْ يَتَّجِهِ الْإِخْبَارُ بِقُرْبِهِ فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {فذبحوها وما كادوا يفعلون}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute