وَمِنْ أَقْسَامِهَا - وَهُوَ دَقِيقٌ - أَنْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِ الْمُسْتَعَارِ ثُمَّ يُومِي إِلَيْهِ بِذِكْرِ شَيْءٍ من توابعه وروادفه تنبيها عليه فيقول شُجَاعٌ يَفْتَرِسُ أَقْرَانَهُ فَنَبَّهْتَ بِالِافْتِرَاسِ عَلَى أَنَّكَ قَدِ اسْتَعَرْتَ لَهُ الْأَسَدَ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} ، فَنَبَّهَ بِالنَّقْضِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَبْلِ وَرَوَادِفِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اسْتَعَارَ لِلْعَهْدِ الْحَبْلَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَابِ الْوَصْلَةِ بَيْنَ الْمُتَعَاهِدِينَ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} ، لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ [عَمِلْنَا] لَكِنْ [قَدِمْنَا] أَبْلَغُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ إِمْهَالِهِمُ السَّابِقِ عَامَلَهُمْ كَمَا يَفْعَلُ الْغَائِبُ عَنْهُمْ إِذَا قَدِمَ فَرَآهُمْ عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالْإِمْهَالِ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّا لَمَّا طغا الماء حملناكم في الجارية} ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ [طَغَى] عَلَا وَالِاسْتِعَارَةُ أَبْلَغُ لِأَنَّ [طَغَى] عَلَا قَاهِرًا.
وَكَذَلِكَ: {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ [عَاتِيَةٍ] شَدِيدَةٌ وَالْعُتُوُّ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ شِدَّةٌ فِيهَا تَمَرُّدٌ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} ، الْآيَةَ وَحَقِيقَتُهُ: لَا تَمْنَعْ مَا تَمْلِكُ كُلَّ الْمَنْعِ وَالِاسْتِعَارَةُ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَنْعَ النَّائِلِ بِمَنْزِلَةِ غَلِّ الْيَدَيْنِ إِلَى الْعُنُقِ وَحَالُ الْغُلُولِ أَظْهَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute