للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتبرة؛ فكذلك فِي الرُّخَصِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَحْرَى مِنَ الْآخَرِ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، هَذَا تَقْرِيرُ هَذَا الطَّرَفِ.

فَصْلٌ: ١

وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ فِي تَرْكِ التَّرَخُّصِ إِذَا تَعَيَّنَ سَبَبُهُ٢ بِغَلَبَةِ ظَنٍّ أَوْ قَطْعٍ، وَقَدْ يَكُونُ التَّرَخُّصُ أَوْلَى فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَقَدْ يَسْتَوِيَانِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَلَبَةُ ظَنٍّ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي مَنْعِ التَّرَخُّصِ.

[وَأَيْضًا] ٣؛ فَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْأَخْذِ بِالتَّخْفِيفِ مَحْمُولَةً عَلَى عُمُومِهَا وَإِطْلَاقِهَا، مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِبَعْضِ الْمَوَارِدِ دُونَ بَعْضٍ، وَمَجَالُ النَّظَرِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ صَاحِبَ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا جَعَلَ الْمُعْتَبَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي هِيَ الْمَشَقَّةُ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْمَظِنَّةُ، وَصَاحِبَ الطَّرِيقِ الثَّانِي إِنَّمَا جَعَلَ الْمُعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ؛ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ؛ فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَتِ٤ الْعِلَّةُ غَيْرَ مُنْضَبِطَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَظِنَّةٌ مُنْضَبِطَةٌ؛ فَالْمَحَلُّ مَحَلُّ اشْتِبَاهٍ، وَكَثِيرًا مَا يُرْجَعُ هُنَا إِلَى أَصْلِ الِاحْتِيَاطِ؛ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ مُعْتَبَرٌ حَسْبَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ في موضعه.


١ يقابل الفصل الأول، يذكر فيه ما ينبني على أن أحدهما ليس بأولى من الآخر كما بين في ذلك ما ينبني على ترجح العزيمة. "د".
٢ أي: الترخص، يعني: ولم توجد الحكمة. "د".
٣ مقابل لقوله هناك: "وَمِنْهَا أَنْ يُفْهَمَ مَعْنَى الْأَدِلَّةِ فِي رَفْعِ الحرج على مراتبها". "د".
وما بين المعقوفتين سقط من "م".
٤ أي: فإذا كانت المظنة منضبطة كالسفر؛ فالأمر ظاهر، وإذا كانت غير منضبطة، والعلة التي هي المشقة غير منضبطة أيضا كالمرض؛ فالواجب الاحتياط على كلا الطريقين، فلا يدخل تحت النظرين السابقين، وهو ظاهر؛ لأنه لم يجعل هذا موضع النزاع في الأولوية، بل لم يدخله في أصل موضوع الرخصة في تقريراته السابقة. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>