للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ:

- وَمِنَ الْفَوَائِدِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: الِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ الرُّخَصِ فِي الْقِسْمِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ، وَالْحَذَرُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ الْتِبَاسٍ، وَفِيهِ تَنْشَأُ خُدَعُ الشَّيْطَانِ، وَمُحَاوَلَاتُ النَّفْسِ، وَالذَّهَابُ فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى عَلَى غَيْرِ مَهْيَع١، وَلِأَجْلِ هَذَا أَوْصَى شُيُوخُ الصُّوفِيَّةُ تَلَامِذَتَهُمْ بِتَرْكِ اتِّبَاعِ الرُّخَصِ جُمْلَةً، وَجَعَلُوا مِنْ أُصُولِهِمُ الْأَخْذَ بِعَزَائِمِ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَصْلٌ صَحِيحٌ مَلِيحٌ, مِمَّا أَظْهَرُوا مِنْ فَوَائِدِهِمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا يَرْتَكِبُ مِنَ الرُّخَصِ مَا كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ، أَوْ صَارَ شَرْعًا مَطْلُوبًا كَالتَّعَبُّدَاتِ، أَوْ كَانَ ابْتِدَائِيًّا كَالْمُسَاقَاةِ٢ وَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ حَاجِيٌّ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ؛ فاللَّجَأ إِلَى الْعَزِيمَةِ.

- وَمِنْهَا: أَنْ يُفْهَمَ مَعْنَى الْأَدِلَّةِ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ عَلَى مَرَاتِبِهَا؛ فَقَوْلُهُ, عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ٣: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ" ٤؛ فَالرُّخَصُ الَّتِي هِيَ مَحْبُوبَةٌ مَا ثَبَتَ الطَّلَبُ فِيهَا، فَإِنَّا إِذَا حَمَلْنَاهَا عَلَى الْمَشَقَّةِ الْفَادِحَةِ الَّتِي قَالَ فِي مِثْلِهَا رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَ الْبَرِّ الصيام في السفر" ٥، كان موافقا لقوله


١ طريق مهيع: واضحة بينة. انظر: "لسان العرب" "هـ ي ع".
٢ لا داعي لهذا؛ فإنه من الإطلاق الذي قال فيه: إنه "لا تفريع يترتب عليه وإنما ذكر لمعرفة أنه إطلاق شرعي لا غير". "د".
٣ في "م": "عليه السلام".
٤ مضى تخريجه في "ص٤٨٠".
٥ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الصوم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصوم في السفر "، ٤/ ١٨٣/ رقم ١٩٤٦" -ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" "٦/ ٣٠٨/ رقم ١٨٦٤"- والبيهقي في "السنن" "٤/ ٢٤٢" من طريق آدم، وأبو داود في "الصوم، ٢/ ٧٩٦/ رقم ٢٤٠٧"، والدارمي في "الصوم، ص٤٠٥"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "٢/ ٦٢" من طريق أبي الوليد، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" "رقم ١٧٢١" =

<<  <  ج: ص:  >  >>