للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} الْآيَةَ [النُّورِ: ٦٣] .

فَقَدِ اخْتُصَّ الرَّسُولُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِشَيْءٍ يُطَاعُ فِيهِ، وَذَلِكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَمْ تَأْتِ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النِّسَاءِ: ٨٠] .

وَقَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الْحَشْرِ: ٧] .

وَأَدِلَّةُ الْقُرْآنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَكُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى؛ فَهُوَ لَاحِقٌ فِي الْحُكْمِ بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَيْهِ١.

وَالثَّانِي: الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَمِّ٢ تَرْكِ السُّنَّةِ وَاتِّبَاعِ الْكِتَابِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مَا فِي السُّنَّةِ مَوْجُودًا فِي الْكِتَابِ لَمَا كَانَتِ السُّنَّةُ مَتْرُوكَةٌ عَلَى حَالٍ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "يُوشِكُ بِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: هَذَا كِتَابُ اللَّهِ، مَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ؛ أَلَا مَنْ بَلَغَهُ عَنِّي حَدِيثٌ فَكَذَّبَ بِهِ؛ فَقَدْ كَذَّبَ الله ورسوله والذي حدثه" ٣.


١ إن أردت بالزيادة الاستقلال فقط؛ فلا نقول به نحن، وإن أردت ما يشمل الاستقلال والبيان؛ فهو حق. انظر: "حجية السنة" "ص٥١١".
٢ لو صاغ هذا الإشكال في صورة أخرى كأن يقول: الأحاديث الدالة على أن الشريعة تتكون من الأصلين معًا: الكتاب والسنة وأن في السنة ما ليس في الكتاب، وأنه يجب الأخذ بما في السنة من الأحكام كما يؤخذ بما في الكتاب, لو فعل ذلك؛ لكان مع كونه في ذاته وجيهًا موافقًا لقوله بعد: "وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي السُّنَّةِ مَا ليس في الكتاب"، ولكان مغايرًا تمام المغايرة للإشكال الرابع الذي لا يخرج في محصوله عن الثاني إلا بتكلف لا حاجة إليه. "د".
٣ أخرجه آدم بن أبي إياس في "العلم" -ومن طريقه الهروي في "ذم الكلام" "ص٧٣"- والخطيب في "الفقيه والمتفقه" "١/ ٩٠"، وابن عبد البر في "الجامع" "٢/ ١٨٣/ رقم ٢٣٤٠"، و"التمهيد" "١/ ١٥٢" من طريق بقية بن الوليد عن محفوظ بن مسور عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا به.
وإسناده ضعيف جدًّا، بقية مدلس وقد عنعن، ولا ينفعه تصريحه بالسماع في رواية آدم؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>