للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَجِدُ فِي السُّنَّةِ أَمْرًا إِلَّا وَالْقُرْآنُ قَدْ دَلَّ عَلَى مَعْنَاهُ دَلَالَةً إِجْمَالِيَّةً أَوْ تَفْصِيلِيَّةً، وَأَيْضًا؛ فَكُلُّ مَا دَلَّ١ عَلَى أَنَّ القرآن هو كلية الشريعة وينبوع لها٢؛


= الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] .
فليس في الآية دلالة على ما ذهب إليه المستدل، ولو فرض جدلًَا أن في الآية احتمالًا آخر يفيد مذهبه، ولم نهتد إليه؛ فماذا يفيده هذا الاحتمال، سواء أكان راجحًا أم مرجوحًا، والمسألة قطعية لا ينفع فيها مثل ذلك؟ ".
١ لم يستدل عليه في موضعه من مباحث الكتاب العزيز، بل قال: إنه "لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه لأنه معلوم من دين الأمة". "د".
٢ قوله: "إن القرآن هو كلية الشريعة وينبوع لها"، فإن أراد بذلك أنه ذكر فيه جميع القواعد الإسلامية الأصلية، وذكر فيه جميع الأدلة التي يعتمد عليها المجتهدون في فهم الأحكام الفرعية، سواء أكانت هذه الأدلة مستقلة بإفادة حكم لم ينص عليه الكتاب، أم مبينة لحكم أجمله؛ فنحن نقول وتؤمن به، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة، ولكن ماذا في ذلك: أيستلزم دعواه؟ كلا، وكل ما دل على ذلك من قوله تعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء} ، وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} على تسليم أن ليس المراد به اللوح المحفوظ؛ فهو لا يدل على دعواه كذلك.
وإن أراد بذلك أنه ذكر فيه كل حكم على سبيل الإجمال ونص عليه؛ فهذا لا نسلمه إذ الواقع يكذبه، والآيات التي ذكرها يجب حملها على خلاف ذلك، وإلا كانت كاذبة، على أنا لو أخذنا بظاهرها وسلمنا صحة ذلك جدلًا؛ لكانت دليلًا على أن القرآن كلية الشريعة، بمعنى أنه احتوى على كل حكم إجمالًا وتفصيلًا، ونص على ذلك كله، ولم يكن لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيان، ولا استقلال، أتقول أنت بذلك؟ كلا، فما الذي تقوله في الخروج من هذا الإشكال؟ ألست ستقول: إن القرآن احتوى على التفاصيل بمعنى أنه بين بيانًا شافيًا أن السنة حجة فيها؟ فهذا الذي تقوله في التفاصيل هو ما قلناه نحن في غيرها.
فإن قلت: إني أتخلص من ذلك بأن أقول: إن القرآن قد اشتمل على كليات هذه التفاصيل؛ قلنا: سلمنا لك جدلًا أنه اشتمل على هذه الكليات، وأن التفاصيل في الواقع مندرجة فيها، ولكن أيمكنك أنت وغيرك ممن هو أعلى منك عقلًا وفهمًا وإدراكًا لمعاني القرآن أن تستنبطوا جميع هذه التفاصيل من تلك الكليات؟ إن قلت نعم؛ فأنت مكابر، ولا يصح معك الكلام، وإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>