للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُرِيدُ أَحَدُهُمُ التَّوْحِيدَ، فيُهمّ فَيُخْطِئُ بِالْكُفْرِ؛ فَعَفَا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ كَمَا عَفَا لَهُمْ عَنِ النُّطْقِ بِالْكُفْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، قَالَ: "فَهَذَا عَلَى الشِّرْكِ، لَيْسَ عَلَى الْأَيْمَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، لَمْ تَكُنِ الْأَيْمَانُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي زَمَانِهِمْ".

وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النَّحْلِ: ٥٠] ، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، إِنَّمَا جَرَى عَلَى مُعْتَادِهِمْ فِي اتِّخَاذِ الْآلِهَةِ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِإِلَهِيَّةِ الْوَاحِدِ الْحَقِّ؛ فَجَاءَتِ الْآيَاتُ بِتَعْيِينِ الْفَوْقِ وَتَخْصِيصِهِ تَنْبِيهًا عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَوْهُ فِي الْأَرْضِ؛ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ جِهَةٍ أَلْبَتَّةَ١؛ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} ٢ [النَّحْلِ: ٢٦] ؛ فَتَأَمَّلْهُ، وَاجْرِ عَلَى هَذَا الْمَجْرَى فِي سَائِرِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.

وَالرَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [النَّجْمِ: ٤٩] ٣؛ فَعَيَّنَ هَذَا الْكَوْكَبَ لِكَوْنِ الْعَرَبِ عَبَدَتْهُ، وَهُمْ خُزَاعَةُ، ابْتَدَعَ ذَلِكَ لَهُمْ أَبُو كَبْشَةَ، وَلَمْ تَعْبُدِ الْعَرَبُ مِنَ الْكَوَاكِبِ غَيْرَهَا؛ فَلِذَلِكَ عُيِّنَتْ.

فَصْلٌ:

وَقَدْ يُشَارِكُ الْقُرْآنَ فِي هَذَا الْمَعْنَى السُّنَّةُ، إِذْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَقَعَتْ عَلَى أَسْبَابٍ، وَلَا يَحْصُلُ فَهْمُهَا إِلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ، ومنه أنه نهى عليه الصلاة


١ قارنه لزامًا بما عند ابن تيمية في "نقض تأسيس الجهمية" "١/ ٥٢٠"، و"التدمرية" "ص٤٥"، وانظر أيضًا: "مختصر العلو" "٢٨٦-٢٨٧"، و"البيهقي وموقفه من الإلهيات" "٣٥٣"، وكتابنا: "الردود والتعقبات" "ص١٦٨-١٧٠".
٢ أي: فليست الفوقية لتخصيص الجهة؛ لأن السقف لا يكون إلا فوق، إنما ذلك ذكر للمعهود فيه. "د". قلت: انظر الهامش السابق.
٣ قال العلماء: إن هذا النجم قطره عشرة أمثال قطر كوكب الشمس؛ فهو أكبر ما عرفه العرب من الكواكب فعبدوه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>