للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَهَى١ عَنِ التَّبَتُّلِ٢ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [الْمُزَّمِّلِ: ٨] .

وَنَهَى عَنِ الْوِصَالِ٣، وَقَالَ: "خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ" ٤ مَعَ أَنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الْحَسَنَاتِ خَيْرٌ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَإِقْرَارِهِ مِمَّا خِلَافُهُ مَطْلُوبٌ، وَلَكِنْ تَرَكَهُ وَبَيَّنَهُ خَوْفًا أَنْ يَصِيرَ مِنْ قَبِيلٍ آخَرَ فِي الِاعْتِقَادِ.

وَمَسْلَكٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ٥، قَالَتْ عَائِشَةُ: "وَمَا سَبَّحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وإني لأسبحها"٦.


١ كما ورد في حديث سعد بن أبي وقاص، وفيه أنه رده على عثمان بن مظعون وهو في "الصحيحين" وغيرهما، ومضى تخريجه "٢/ ٢٢٨".
٢ وهو الانقطاع الصرف عن شئون هذه الحياة كرهبانية النصارى، أما التبتل في الآية، فبمعنى الإخلاص في العبادة أو نحوه، والمقام مستوفى في كتاب "الاعتصام" "١/ ٤٣٦, ط ابن عفان"، وهذا وما بعده لم يتبين فيه معنى الذريعة إلى اعتقاد الوجوب، ولذلك قال: "مع أن الاستكثار من الحسنات خير"، وقال -صلى الله عليه وسلم- في رد التبتل لعثمان بن مظعون ومن معه: "فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني"، ويؤخذ منه أنه ليس بمشروع، فضلًا عن كونه مندوبًا يخشى من الاستدامة عليه اعتقاد الوجوب، كما هو أصل الموضوع، فقوله: "مما خلافه مطلوب" لا يظهر في التبتل ولا يظهر في الوصال أيضًا. "د".
٣ كما في "صحيح البخاري" "كتاب الصوم، باب الوصال، ٤/ ٢٠٢/ رقم ١٩٦٤"، وانظر ما مضى "٢/ ٢٣٩".
٤ أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الصوم، باب صوم شعبان، ٤/ ٢١٣/ رقم ١٩٦٩"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الصيام، باب صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير رمضان، ٢/ ٨١١/ رقم ٧٨٢" عن عائشة, رضي الله عنها.
٥ مضى تخريجه "٣/ ٢٦٠".
٦ مضى تخريجه "٣/ ٢٦٠"، وهو في "الصحيحين".
وقد ثبت في "الصحيح" أن معاذة سألت عائشة: "كم كان يصلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الضحى؟ قالت: أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله". وجمع الحديث مع سابقه أن ذلك العلم من طريق غير الرؤية. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>