للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلِيلِ عَلَى الْمَنْعِ؛ فَأَظْهَرُ١، فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهِ، وَأَقْرَبُ تَقْرِيرٍ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي "شَرْحِ الرِّسَالَةِ"؛ فَإِلَيْكَ النَّظَرُ فِيهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ بُيُوعِ الْآجَالِ؛ فَإِنَّ فِيهَا التَّحَيُّلَ إِلَى بَيْعِ دِرْهَمٍ نَقْدًا بِدِرْهَمَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، لَكِنْ بِعَقْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ذَرِيعَةً؛ فَالثَّانِي غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ الشَّارِعَ إِذَا كَانَ قَدْ أَبَاحَ لَنَا الِانْتِفَاعَ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى وُجُوهٍ مَخْصُوصَةٍ؛ فَتَحَرِّي الْمُكَلَّفِ تِلْكَ الْوُجُوهَ غَيْرُ قَادِحٍ، وَإِلَّا كَانَ قَادِحًا فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ الْمَشْرُوعَةِ، وَإِذَا فُرِضَ أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَقْصُودِ الْعَاقِدِ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ الثَّانِي؛ فَالْأَوَّلُ إِذًا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْوَسَائِلِ، وَالْوَسَائِلُ مَقْصُودَةٌ شَرْعًا مِنْ حَيْثُ هِيَ وَسَائِلُ، وَهَذَا مِنْهَا، فَإِنْ جَازَتِ الْوَسَائِلُ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَسَائِلُ؛ فَلْيَجُزْ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ مُنِعَ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ فَلْتُمْنَعِ الْوَسَائِلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَمْنُوعَةً إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَكَذَلِكَ هُنَا لَا يمنع إلا بدليل٢.


١ رجع المصنف هذا، وأدخل "نكاح التحليل" في "مناط التحيل" لقطعه كما سيأتي بأن قصد الشرع الأصلي من "النكاح" هو التناسل؛ فكان "نكاح التحليل" غير مشروع؛ لمنافاته لهذا المقصد الأصلي، ولا سبيل إلى التوفيق؛ فتعين أن يكون القصد في "نكاح التحليل" غير شرعي، والقصد غير الشرعي على حد تعبيره هادم للقصد الشرعي، ومن هنا كان "البطلان" الحتمي.
٢ هذا النوع من التعامل مشهور هذه الأيام، ولا سيما في "البنوك الإسلامية"! وكلام المصنف السابق فيه نوع تساهل، يظهر ذلك من خلال التمعن والتأمل في كلام ابن القيم، فإنه أولى هذه المسألة أهمية كبرى، ولذا آثرت أن أنقله على الرغم مما فيه من طول؛ إلا أنه مما تشد اليد به، قال رحمه الله تعالى في كتابه "إعلام الموقعين" "٣/ ١٤٨": "فإن أراد أن يبيع مائة بمائة وعشرين إلى أجل؛ فأعطى سلعة بالثمن المؤجل، ثم اشتراها بالثمن الحال، ولا غرض لواحد منهما بالسلعة بوجه ما، وإنما هي كما قال فقيه الأمة "يعني: ابن عباس": دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة؛ فلا فرق بين ذلك وبين مائة بمائة وعشرين درهما بلا حيلة ألبتة؛ لا في شرع، ولا في عقل، ولا في عرف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>