للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة إلى الأمة والواحدة كَاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ بِحَسَبَ اصْطِلَاحِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ فِي صَنَائِعِهِمْ مَعَ اصْطِلَاحِ الْجُمْهُورِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي، حَتَّى صَارَ ذَلِكَ اللَّفْظُ إِنَّمَا يُسْبَقُ مِنْهُ إِلَى الْفَهْمِ مَعْنًى مَا، وَقَدْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، أَوْ كَانَ مُشْتَرِكًا فَاخْتَصَّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَيْضًا يَتَنَزَّلُ عَلَى مَا هُوَ مُعْتَادٌ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنِ اعْتَادَهُ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَجْرِي كَثِيرًا فِي الْأَيْمَانِ وَالْعُقُودِ وَالطَّلَاقِ، كِنَايَةً وَتَصْرِيحًا١.

- وَمِنْهَا: مَا يَخْتَلِفُ فِي الْأَفْعَالِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا، كَمَا إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ فِي النِّكَاحِ قَبْضَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فِي الْبَيْعِ الْفُلَانِيِّ أَنْ يَكُونَ بِالنَّقْدِ لَا بِالنَّسِيئَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ إِلَى أَجَلِ كَذَا دُونَ غَيْرِهِ، فَالْحُكْمُ أَيْضًا جارٍ عَلَى ذَلِكَ حَسْبَمَا هو مسطور في كتب الفقه٢.


١ انظر: "الفروق" "١/ ٤٤ و٤ / ٢٠٣"، و"الأشباه والنظائر" "ص٨٣-٨٤"، و"المدخل للفقه الإسلامي" "٢/ ٨٨٩" لمصطفى الزرقاء.
٢ قال القرطبي في حديث: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف": "في هذا الحديث اعتبار العرف في الشرعيات خلافا للشافعية، ورد الحافظ ابن حجر هذا الاستدلال بأن الشافعية إنما* العمل بالعرف إذا عارضه النص الشرعي أو لم يرشد إليه، والعرف عند من يقول به كالمالكية إنما يؤخذ به تخصيص العام أو تقييد المطلق، وأما أن يؤثر في إبطال واجب أو إباحة حرام يذهب إليه أحد من علماء المسلمين، قال ابن الغرسي عند قول تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} المعنى: اقض بكل ما عرفته مما لا يرده الشرع" "خ".
قلت: النوع الأخير الذي ذكره المصنف هو المعنى في قول الفقهاء "العادة محكمة"، وليس هو بحد ذاته حكما شرعيا، ولكنه متعلق ومناط الحكم الشرعي، فهو من جهة كونه حكما لا يتغير، ولكن الشرع أناطه بالعرف، وجعل الحكم يدور معه، وهذا ما سيذكره المصنف في الفصل الآتي.
وانظر- غير مأمور: "الفروق" "١/ ٤٥ و٤/ ٢٠٣"، و"ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية" "٢٨١-٢٩٢"، و"تغير الفتوى" "ص٥٠-٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>