فالسماع مادة النطق التي يستمد منها قوته وحياته، ومن لا يسمع لا يحسن النطق، ومن لا ينطق لا يحسن التفكير.
وكثير عليك يا بني وأنت زهرة يانعة في روض الشباب, وابتسامة لامعة في ثغر الآمال, وفجر مشرق في سماء الحياة أن تعلو هذه الربوة الزاهرة المخضلة من ربا الحياة, فلا تلبث فيها إلا قليلا حتى يمر بك فارس الدهر فيختطفك من مكانك, ثم يعدو بك عدو الظليم المذعور حتى يلقيك على هذه الصخرة الصماء.
فوا رحمتاه لك يا بني مما بك اليوم ومما يستقبلك به الدهر غدا، فأسأل الله تعالى لك أن يرفع عنك محنتك، أو يمنحك عينا ثرة من الدمع لا ينضب معينها، تسكب منها صباح كل يوم ومساءه سجلا على فؤادك الملتاع فتبرد غلته، وتفثأ لوعته، فالدموع هي الرحمة العامة التي يلجأ إليها المنكوبون والمحزونون يوم لا يجدون لأنفسهم في مذهب من مذاهب الأرض, ولا في شعب من شعاب السماء ناصرا ولا معينا, والسلام عليك من الرائي لك الباكي عليك ورحمة الله.