العرب، ويعبر بها العرب والمسلمون من آرائهم، وما دام هنالك حرف عربي يربط حاضر المسلمين إلى تراثهم الماضي، فإذا استطاعوا حمل المسلمين على التخلي عن الحرف العربي وإحلال الحرف اللاتيني مكانه، انقطعت صلة العرب والمسلمين بالقرآن الكريم وبتراثهم الإسلامي وذخائرهم اللغوية والأدبية والتاريخية والفكرية، وحينئذ يصبح العرب "وحدات" لغوية فكرية غير متعارفة، ثم تتنافر هذه الوحدات مع الزمن فيسهل إخضاعها بجهد يسير، ويسهل بعد ذلك صبغهم -على مراحل- بالنصرانية، وجعلهم شعوبًا تابعة للحضارة الغربية، ويتحقق لدى الغربيين ما يؤملون من القضاء على الإسلام والمسلمين.
ولقد حاول "ماسينيون" أن يثبت دعوته هذه في المغرب وفي مصر وفي سورية ولبنان خاصة، كما سعى لهذه الغاية أيضًا مستشرقون ومبشرون آخرون، ونقلها وتبناها عدد من تلامذة هؤلاء وأشياعهم وخلفائهم في مصر ولبنان، ولا يزالون حتى يومنا هذا، يحاولون -بوسائل عدة- الترويج لفكرتهم، وجمع الأنصار لها، تحقيقًا لمآرب خبيثة ومقاصد عدائية رهيبة لا تخفى على مسلم واعٍ بصير١.
وإذا كان "ماسينيون" وأمثاله من المستشرقين لا يحاولون إخفاء نزعتهم الدينية التبشيرية المعادية للإسلام.. فإن هنالك فريقًا آخر من المستشرقين يعملون على أن تسود بين المسلمين القيم الغربية عن طريق الإشادة بها والانتقاص من القيم الإسلامية، حتى يضل المسلمون عن أنفسهم، ويستسلموا لكل ما يَطْلُعُ به الغرب من قيم ومفاهيم وأخلاق فيتهافتوا عليها وينقادوا إليها.
ولعل أبرز هؤلاء المستشرق الإنكليزي "جيب" -الذي كان مستشارًا
١ انظر: المرجع السابق ص٢٢٤. وانظر حول تطوير الدراسات اللغوية: "حصوننا مهددة من داخلها" تأليف: الدكتور محمد محمد حسين ص٢٧٧.