للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث المدديّ، وقصَّته مع خالد رضي الله عنه، من الفقه، كما ذكر الخطابي: "أنَّ الفَرَس مِن السَّلْب، وأنّ السَّلْبَ قليلاً كان أو كثيراً؛ فإنّه للقاتل لا يُخَمَّس، ألا ترى أنّه أمر خالداً بردّه عليه مع استكثاره إيَّاه، وإنَّما كان ردّه إلى خالد بعد الأمر الأوّل بإعطائه القاتل نوعاً من النكير على عوف١، وردعاً له وزجراً لئلاَّ يتجرأ الناس على الأئمة، ولئلاَّ يتسرعوا إلى الوقيعة فيهم، وكان خالد مجتهداً في صنيعه ذلك، إذ كان قد استكثر السَّلْبَ، فأمضى له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتهاده لِمَا رأى في ذلك من المصلحة العامّة بعد أن كان خطَّأَه في الرأي الأوّل، والأمر الخاصّ مغمور بالعامّ، واليسير من الضرر محتمل للكثير من النفع والصلاح، ويشبه أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم قد عوَّض المَدَدِيَّ من الخُمُس الذي هو له، وترضَّى خالداً بالصَّفْحِ عنه، وتسليم الحكم له في السَّلب٢".

وقال النووي: "وهذا الحديث قد يستشكل من حيث إنّ القاتل قد استحقّ السلب، فكيف منعه إيّاه؟! ". ويجاب عنه بوجهين:

أحدهما: "لعلّه أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنّما أخّره تعزيزاً له، ولعوف بن مالك، لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه، وانتهكا حرمة الوالي ومن ولاّه".


١ في شرح السنن (٣/١٦٤) : "نوعاً من التكبُّر على معروف" وهو لا يستقيم مع السياق. والتصحيح من شرح السنة للبغوي (٣/١١) .
٢ الخطابي: شرح سنن أبي داود، حاشية٣/١٦٤،وانظر: (البغوي: "شرح السنة٣/١١) .

<<  <   >  >>