انتفاخ بطن الدابه من الامتلاء أو من المرض يقال حبط الرجل والدابه تحبط حبطا اذا أصابه ذلك
ولما أصاب الحارث بن مازن بن عمرو بن تميم ذلك فى سفره فمات حبطا فنسب الحبطى كما يقال السلمى فكذلك الشرهه فى المال يقتله شرهه وحرصه فإن لم يقتله قارب أن يقتله وهو قوله أو يلم وكثير من ارباب الأموال انما قتلتهم أموالهم فانهم شرهوا فى جمعها واحتاج اليها غيرهم فلم يصلوا اليها إلا بقتلهم أو ما يقاربه من اذلالهم وقهرهم
وقوله: الا آكلة الخضر هذا تمثيل لمن أخذ من الدنيا حاجته مثله بالشاة الآكلة من الخضر بقدر حاجتها أكلت حتى اذا امتلأت خاصرتاها وفى لفظ آخر امتدت خاصرتاها وانما تمتد من امتلائها من الطعام وثنى الخاصرتين لأنهما جانبا البطن وفى قوله استقبلت عين الشمس فتلطت وبالت ثلاث فوائد احداها انها لما أخذت حاجتها من المرعى تركته وبركت مستقبله الشمس لتستمرئ بذلك ما أكلته الثانية انها أعرضت عما يضرها من الشره فى المرعى وأقبلت على ما ينفعها من استقبال الشمس التى يحصل لها بحرارتها انضاج ما أكلته واخراجه الثالثة انها استفرغت بالبول والثلط ما جمعته من المرعى فى بطنها فاستراحت بإخراجه ولو بقى فيها لقتلها فكذلك جامع المال مصلحته أن يفعل به كما فعلت هذه الشاة
وأول الحديث: مثل الشره فى جمع الدنيا الحريص على تحصيلها فمثاله مثال الدابة التى حملها شره الأكل على أن يقتلها حبطا أو يلم إذا لم يقتلها فإن الشره الحريص إما هالك وإما قريب من الهلاك فإن الربيع ينبت أنواع البقول والعشب فتستكثر منه الدابة حتى ينتفخ بطنها لما جاوزت حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها وتهلك كذلك الذى يجمع الدنيا من غير حلها ويحبسها أو يصرفها فى غير حقها وآخر الحديث مثل للمقتصد بآكلة الخضر الذى تنتفع الدابة بأكله ولم يحملها شرهها وحرصها على تناولها منه