للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استند إليه في هذا التعيين، وذهب خير الدين الزركلي وعمر كحالة إلى أنه توفي حوالي السنة ٤٠ ق هـ١.

وذكر الأصفهاني أنه عندما حضرت ابن كلثوم الوفاة، جمع بنيه، وقال لهم: "يا بني، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت، وإني، والله، ما عَيَّرت أحدًا بشيء إلا عيرت بمثله، إن كان حقًّا فحقًّا، وإن كان باطلًا فباطلًا، ومن سَبَّ سُبَّ، فكفوا عن الشِّتم، فإنه أسلم لكم، وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم، وامنعوا من ضيم الغريب، فربّ رجل خير من ألف، وردّ خير من خلف. إذا حدثتم فَعُوا، وإذا حدثتم فأوجزوا، فإن مع الإكثار تكون الأهذار٢.

وأشجع القوم العطوف بعد الكرّ، كما أن أكرم المنايا القتل. ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا من إذا عوتب لم يعتب٣. ومن الناس من لا يُرجى خيره، ولا يخاف شره، فبكؤه٤ خير من دره، وعقوقه خير من بره. ولا تتزوجوا من حيكم فإنه يؤدي إلى قبيح البغض"٥.

وقد شكك بعضهم في نسبه هذه الوصية إلى عمرو بن كلثوم أو إلى العصر الجاهلي لما فيها من تكلف البديع اللفظي٦.


١ الزركلي: الأعلام ٥/ ٨٤؛ وعمر كحالة: معجم المؤلفين ٨/ ١١.
٢ الأهذار: جمع الهذر، وهو سقط الكلام.
٣ أعتب: أرضاه وأزال غضبه.
٤ البكْء: قلة اللبن أو انقطاعه، والمعنى المقصود من قوله: "فبكؤه خير من درِّه" أن منعه خير من عطائه.
٥ الأصفهاني: الأغاني ١١/ ٥٣- ٥٤.
٦ فؤاد أفرام البستاني: الروائع، العدد ٢٦، ص ح.
٧ الأصفهاني: الأغاني ١١/ ٥٠.

<<  <   >  >>