كان في العروض مستقيماً وكان الخليل بن أحمد يستحسن بعض الزحاف في الشعر إذا قل وإذا كثر قبح عنده. وقال بعض الأدباء: هو مثل اللثغ في الجارية يشتهى القليل منه وإن كثر هجن وسمج. فأما الكلام المنثور فالأحسن منه تساوى الفصول في مقاديرها أو يكون الفصل الثاني أطول من الأول. وعلى هذا أجمع الكتاب وقالوا لا يجوز أن يكون الفصل الثاني أقصر من الأول والذوق يشهد بما قالوه ويقضى بصحته ولهذا السبب استقبحوا إطالة الفصول لئلا يؤتى بالجزء الأول طويلاً فيحتاج إلى إطالة التالي له ليساويه أو يزيد عليه فيظهر في الكلام التكلف ويقع ما لا حاجة لمعنى والغرض إليه.
ومن التناسب بين الألفاظ: المجانس١ وهو أن يكون بعض الألفاظ مشتقاً من بعض إن كان معناهما واحداً أو بمنزلة المشتق إن كان معناهما مختلفان أو تتوافق صيغتا اللفظتين مع اختلاف المعنى وهذا إنما يحسن في بعض المواضع إذا كان قليلاً غير متكلف ولا مقصود في نفسه وقد استعمله العرب المتقدمون في أشعارهم ثم جاء المحدثون فلهج به منهم مسلم بن الوليد الأنصاري وأكثر منه ومن استعمال المطابق والمخالف وهذه الفنون المذكورة في صناعة الشعر حتى قيل عنه أنه أول من أفسد الشعر. وجاء أبو تمام حبيب بن أوس بعده فزاد على مسلم في استعماله والإكثار منه حتى وقع له الجيد والرديء الذي لا غاية وراءه في القبح فمما للعرب قول امرئ القيس: