للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك اعتمد جماعة من الشعراء في بعض قصائدهم والذي أراه أن التصريع يحسن في أول القصيدة ليميز بين الابتداء وغيره ويفهم قبل تمام البيت روى القصيدة وقافيتها ولذلك قال أبو تمام:

وإنما يروقك بيت الشعر حين يصرع

فأما إذا تكرر الصريع في القصيدة فلست أراه مختاراً وهو عندي يجرى مجرى تكرر الترصيع والتجنيس والطباق وغير ذلك مما سيأتي ذكره وأن هذه الأشياء إنما يحسن منها ما قل وجرى منها مجرى اللمعة واللمحة فأما إذا تواتر وتكرر فليس عندي ذلك مرضياً.

فإن قال لنا قائل: كيف يكون التصريع وغيره من الأصناف التي أشرتم إليها حسناً إذا قل وإن كثر لم يكن حسناً قيل له: هذا غير مستنكر ولا مستطرف وله أشباه كثيرة فإن الخال يحسن في بعض الوجوه ولو كان في ذلك الوجه عدة خيلان لكان قبيحان ويكون في بعض النقوش يسير من سواد أو حمرة أو غيرهما من الألوان فيحسن ذلك المزاج والنقش بذلك القدر من اللون فإن زاد لم يكن حسناً وتستحسن غرة الفرس وهي قدر مخصوص فإن كان وجهه كله أبيض أو زاد ذلك القدر من البياض لم يحسن وأشباه هذا أكثر من أن يحصى والعلة فيه أنه إنما كان حسناً بالإضافة إلى غيره.

وقد ترك التصريع جماعة من الشعراء المتقدمين والمحدثين في أول القصيدة كما ابتدأ ابن أحمر قصيدته فقال:

قد بكرت عاذلتي بكرة ... تزعم أني بالصبا مشتهر

فلم يصرع ثم قال من بعده:

<<  <   >  >>