للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فناسب بين أحجم وأقدم ومطمعاً ومهرباً وعنك وفيك. وأمثلة هذا أكثر من أن تحصى.

ومن المناسبة بين الألفاظ في الصيغ: السجع والازدواج ويحد السجع بأنه تماثل الحروف في مقاطع الفصول وبعض الناس يذهب إلى كراهة السجع والازدواج في الكلام وبعضهم يستحسنه ويقصده كثيراً وحجة من يكرهه أنه ربما وقع بتكلف وتعمل واستكراه فأهذب طلاوة الكلام وأزال ماءه وحجة من يختاره أنه مناسبة بين الألفاظ يحسنها ويظهر آثار الصنعة فيها لولا ذلك لم يرد في كلام الله تعالى وكلام النبي صلى الله عليه وسلم والفصيح من كلام العرب وكما أن الشعر يحسن بتساوي قوافيه كذلك النثر يحسن بتماثل الحروف في فصوله والمذهب الصحيح: أن السجع محمود إذا وقع سهلاً متيسراً بلا كلفة ولا مشقة وبحيث يظهر أنه لم يقصد في نفسه ولا أحضره إلا صدق معناه دون موافقة لفظه ولا يكون الكلام الذي قبله إنما يتخيل لأجله ورد ليصير وصلة إليه فإنا متى حمدنا هذا الجنس من السجع كنا قد وافقنا دليل من كرهه وعملنا بموجبه لأنه إنما دل على قبح ما يقع من السجع بتعمل وتكلف.

ونحن لم نستحسن ذلك النوع ووافقنا أيضاً دليل من اختاره لأنه إنما دل به على حسن ما ورد منه في كتاب الله تعالى وكلام النبي صلى الله عليه وسلم والفصحاء من العرب. وكان يحسن الكلام ويبين آثار الصناعة ويجرى مجرى القوافي المحمودة والذي يكون بهذه الصفات هو الذي حمدناه واخترناه وذكرنا أنه يكون سهلاً غير مستكره ولا متكلف.

وقد حكى الجاحظ عن بشر بن المعتمر١ أنه قال في وصيته في البلاغة:


١ هو بشر بن المعتمر الهلالي البغدادي أبو سهل فقيه معتزلي من أهل الكوفة تنسب إليه الطائفة البشرية له مصنفات في الاعتزال منها قصيدة في أربعين ألف بيت رد فيها على جميع المخالفين مات ببغداد سنة ٢١٠هـ.

<<  <   >  >>