للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد أن يؤمن ويعمل صالحاً، وإنما يسخط عليه ويغضب بعد أن يكفر كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} ١ فأخبر أن الأعمال أسخطته وكذلك قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} ٢ قال المفسرون: أغضبونا وكذلك قال تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} ٣ وغير ذلك من النصوص الدالة على أن غضب الله وسخطه ورضا وحبه يكون بعد حصول ما يقتضي ذلك من العبد، فالله يبغض العبد إذا حصل منه الكفر ويحبه إذا حصل منه الإيمان. وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية أدلة هذه المسألة بسطاً وافياً في كتاب الإيمان وذكر أدلتها من الكتاب والسنة٤.

الخامس: أن هؤلاء لما عللوا الاستثناء في الإيمان بتلك العلة طرد أقوام تلك العلة في الأشياء التي لا يجوز الاستثناء فيها

بإجماع المسلمين بناء على أن الأشياء الموجودة الآن إذا كانت في علم الله تتبدل أحوالها فيستثنى في صفاتها الموجودة في الحال ويقال: هذا صغير إن شاء الله لأن الله قد يجعله كبيراً، ويقال: هذا مجنون إن شاء الله لأن الله قد يجعله عاقلاً ويقال للمرتد هذا كافر إن شاء الله لإمكان أن يتوب وهؤلاء الذين استثنوا في الإيمان بناء على هذا المأخذ ظنوا هذا قول السلف٥.


١ سورة محمد، الآية: ٢٨.
٢ سورة الزخرف، الآية: ٥٥.
٣ سورة الزمر، الآية: ٧.
٤ الفتاوى (٧/ ٤٤٢ وما بعدها) .
٥ انظر الفتاوى (٧/ ٤٣٤) .

<<  <   >  >>