للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا وإقرار العباد بأنه ... خلاقهم هو منتهى الإيمان

والناس في الإيمان شيء واحد ... كالمشط عند تماثل الأسنان

وجهم وأتباعه إنما قالوا بهذا القول لأن الإيمان عندهم مجرد التصديق، فمن صدق بقلبه فهو عندهم مؤمن كامل الإيمان وإن تكلم بالكفر، وسب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وسخر بالدين، وأحل المحرمات، وفعل غير ذلك من الأمور التي هي كفر بواح.

والتصديق عندهم يتساوى فيه العباد، ولا يقبل الزيادة والنقصان فهو إما أن يعدم وإما أن يوجد، ولا يقبل التبعض، فإذا ذهب بعضه ذهب كله، ولا يتفاضل الناس فيه، فإيمان الملائكة والأنبياء والصديقين وإيمان فساق الأمة وأهل الخنا والفجور سواء١.

وقولهم هذا فاسد ظاهر البطلان وفساده معلوم من دين الله بالاضطرار ويظهر هذا من وجوه متعددة:

أحدها: أنهم أخرجوا ما في القلب من حب الله وخشيته والإنابة إليه والتوكل عليه ونحو ذلك من الأعمال القلبية من أن يكون من نفس الإيمان.

ثانيها: أنهم جعلوا ما علم أن صاحبه كافر، مثل إبليس وفرعون واليهود وأبي طالب وغيرهم، أنه إنما كان كافراً لأن ذلك مستلزم لعدم تصديقه في الباطن وهذا مكابرة للعقل والحس، وكذلك جعلوا من يبغض الرسول ويحسده كراهة دينه مستلزماً لعدم العلم بأنه صادق ونحو ذلك.


١ انظر الفتاوى (٧/ ٥٨٢) .

<<  <   >  >>