للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتمال الثالث: أن المراد بالرب المعبود، قال القرطبي: الرب المعبود، وعن عكرمة في تفسير قوله تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١ قال يسجد بعضنا لبعض، كذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وغيره، وقال الله تعالى في سورة التوبة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٢ فالمراد بالأرباب في تلك الآية هم المعبودون) ٣.

ويرد الشيخ ابن سحمان دعاوى الحداد في اعتراضه على ذلك التقسيم فيقول رحمه الله:

(وأما قوله- أي الحداد-: فيا عجبا هل للكافر توحيد صحيح؟ فإنه لو كان توحيده صحيحا لأخرجه من النار.. إلخ.

والجواب: لم يقل الشيخ إن للكافر المشرك توحيدا صحيحا، ولكن أخبر أن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين، قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ٤ قال طائفة من السلف: تسألهم من خلق السماوات والأرض فيقولون الله وهم مع ذلك يعبدون غيره، فإيمانهم هو إقرارهم بتوحيد الربوبية، وهذا الإيمان بتوحيد الربوبية لا يدخلهم في الإسلام وهم يعبدون غير الله، أي يشركون به في توحيد الألوهية) ٥. ويؤكد عبد الكريم بن فخر الدين على ضرورة التفريق بين نوعي التوحيد، فيقول:

(أقول قال الله سبحانه: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} ٦ وقال عز من قائل: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ


١ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٢ سورة التوبة آية: ٣١.
٣ "صيانة الإنسان"، ص٤٥٠-٤٥٤ باختصار. وما كتبه السهسواني في الاحتمال الثالث، هو قريب مما كتبه الشيخ الإمام حول اجتماع التوحيدين، وافتراقهما، فإن كلمة "الرب" وكلمة "الإله" إذا اجتمعتا افترقتا، إذا افترقتا اجتمعتا، كما بينه الشيخ الإمام بالأدلة والبراهين، مما ذكرناه سابقا.
٤ سورة يوسف آية: ١٠٦.
٥ "الأسنة الحداد"، ص١١٧ وانظر: ما كتبه ابن سحمان في الفرق بين التوحيدين في كتابه "الصواعق المرسلة الشهابية" ص١٤١.
٦ سورة المؤمنون آية: ٨٦.

<<  <   >  >>