فلاشك أن أحداثاً جساماً كهذه كانت سبباً من الأسباب المباشرة للانقطاع التاريخي البيَّن في تاريخ النصارى الذين كانوا في ذلك الوقت لا يتميزون عن اليهود بشيء خاصة لدى من هو خارج إطارهم مثل الرومان واليونان الوثنيين.
كما أن الثقل الديني والإلتزام بمبادئ المسيح عليه السلام كان متمركزاً في بيت المقدس، وكان سبق أن حدث انقسام بين دعاة النصارى في مسألة شريعة موسى عليه السلام ووجوب التزامها وإلزام المتنصرين من الوثنيين بها، وكان المحافظون على الشريعة والموجبون للإلتزام بها من المتبعين للمسيح من اليهود هم القوة الغالبة في ذلك الوقت.
إلا أن تدمير بيت المقدس وقتل اليهود وجه لهذه الفئة بالذات ضربة قاصمه، وأفسح المجال لبولس وأتباعه المنادين بإلغاء العمل بالشريعة الموسوية وفصلها عن ديانة المسيح عليه السلام يقول حبيب سعيد "أما خراب أورشليم في الشرق إثر التمرد اليهودي سنة ٧٠م فكان له أثر عميق في المسيحية، وذلك لأنه قضى على الجماعات الفلسطينية، وتضخم أعداد متنصرى الوثنية، من العوامل التي جعلت كفاح "بولس" للتخلص من اليهودية الناموسيه الضيقه، غير ذي موضوع، وغدت أنطاكيه ورومية وبعدها أفسس أهم المراكز في تطور التاريخ المسيحي١".
والناظر في تاريخ تلك الفترة يجد أنها أفرزت افرازات خطيرة جداً في الديانة النصرانية حيث ظهرت المذاهب والأقوال المختلفة والمتباينة في المسيح وديانته، نذكر منها:-