للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهجُ الحافظِ ابنِ حجرٍ أنْ يجمعَ طرقَ الحديثِ في أوَّلِ موضعٍ يردُ فيهِ، ويوردُ الشَّواهدَ والرِّواياتِ المتعلِّقةَ بمضمونِهِ، ثمَّ يشرحُ الحديثَ باختلافِ ألفاظِهِ، ويتكلَّمُ في جوانبِ المتنِ والإسنادِ، ببيانِ العلَّةِ، وإبرازِ الفوائدِ والزَّوائدِ، وكثيراً ما يُبيِّنُ متابعاتِ الحديثِ وشواهدِهِ، ويحكُمُ عليهِ منْ خلالِ ورودِهِ منْ طرقٍ أُخرَى، قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» مبيناً منهجَهُ في «فتحِ الباري»: «فَأَسُوقُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - البَابَ وَحَدِيثَهُ أَوَّلَاً، ثُمَّ أَذْكُرُ وَجْهَ المُنَاسَبَةِ بَينَهُمَا إِنْ كَانَتْ خَفِيَّةً، ثُمَّ أَسْتَخْرِجُ ثَانِيَاً مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي ذَلِكَ الحَدِيثِ مِنَ الفَوَائِدِ المَتْنِيَّةِ وَالإِسْنَادِيَّةِ، مِنْ تَتِمَّاتٍ وَزِيَادَاتٍ، وَكَشْفِ غَامِضٍ، وَتَصْرِيحِ مُدَلِّسٍ بِسَمَاعٍ، وَمُتَابَعَةِ سَامِعٍ مِنْ شَيخٍ اخْتَلَطَ قَبْلَ ذَلِكَ، مُنْتَزِعَاً كُلَّ ذِلَكَ مِنْ أُمَّهَاتِ المَسَانِيدِ وَالجَوَامِعِ وَالمُسْتَخْرَجَاتِ وَالأَجْزَاءِ وَالفَوَائِدِ، بِشَرْطِ الصِّحَّةِ أَوِ الحُسْنِ فِيمَا أُورِدُهُ مِنْ ذَلِكَ» (١).

وقالَ السَّخاويُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «وَاعْلَمْ أَنَّ العِنَايَةَ بِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ مَعَ الطُّرِقِ مِنَ المُهِمَّاتِ، وَهُوَ أَحَدُ الأَسْبَابِ المُقْتَضِيَةِ لِامْتِيَازِ شَرْحِ البُخَارِيِّ لِشَيخِنَا عَلَى سَائِرِ الشُّرُوحِ» (٢).

وقالَ القسطلانيُّ (٣) «ت ٩٢٣ هـ»: «شُهْرَتُهُ - أَي: فَتْحُ البَارِي - وَانْفِرَادُهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيهِ مِنَ الفَوَائِدِ الحَدِيثِيَّةِ، وَالنُّكَاتِ الأَدَبِيَّةِ، وَالفَوَائِدِ الفِقْهِيَّةِ، تُغْنِي عَنْ وَصْفِهِ،


(١) انظر مقدمة فتح الباري ١/ ٤.
(٢) فتح المغيث ٢/ ٢١٢.
(٣) أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني، القتيبي، المصري، أبو العباس، شهاب الدين، «٨٥١ هـ - ٩٢٣ هـ»، من علماء الحديث، من مصنفاته «إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري»، «المواهب اللدنية في المنح النبوية». انظر الدرر الكامنة ١/ ٣٤٢، والضوء اللامع ٢/ ١٠٣.

<<  <   >  >>