للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهو معبودي، ليس لي معبود سواه.

ــ

وأنا في بطن أمي إلى أن يجري علي الأرزاق بعد خروجي منه. كما ورد في الحديث الصحيح في الملك الذي يؤمر بأربع بالنسبة للجنين ومنها "بكتب رزقه"١ فالله جل وعلا ينعم على العبد منذ أن يخلقه الإنعام الذي يصل إليه في بطن أمه بدون حول منه ولا قوة، والإنعام الذي يحصل له بعد خروجه إلى الدنيا عندما يكبر ويكدح ويعيش فيجري الله سبحانه وتعالى له من الأرزاق بالأسباب ما قضاه وقدره له.

وقوله: "وهو معبودي، ليس لي معبود سواه" هذا مرتب على الكلام السابق، يعني: إذا كان هو الذي رباني لا غيره وربى جميع العالمين لا غيره فيترتب على هذا أن يكون هو المستحق للعبادة ولهذا قال: "وهو معبودي، ليس لي معبود سواه"؛ لأن الذي يستحق أن يكون معبوداً هو القادر على الخلق، ومن لا يقدر على الخلق لا يستحق أن يكون معبوداً، ولهذا ذكر الله تعالى أوصاف الآلهة التي لا تصلح للعبادة في سورة الفرقان في قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} ٢، فذكر الله سبحانه سبعة أوصاف كلها نقص تدل على أن هذه الأوصاف التي وجدت في الآلهة لا تصلح أن تكون الآلهة معها معبودة؛ لأن المعبود هو الذي يخلق ويرزق ويحيي ويميت، ولهذا قال تعالى:


١ أخرجه البخاري: "رقم٣٢٠٨"، ومسلم: "رقم٢٦٤٣".
٢ سورة الفرقان، الآية: ٣.

<<  <   >  >>