للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو - أيضا - إمّا لتأكيد منطوق؛ كهذه الآية. وإما لتأكيد مفهوم؛ كقوله [من الطويل]:

ولست بمستبق أخا لاتلمّه ... على شعث أىّ الرّجال المهذّب (١)

ــ

وهو فعول الدالة على المبالغة، فقد اشتملت على معنى زائد، لا على معنى الأولى فقط.

قال المصنف فى الإيضاح: وقد اجتمع الضربان فى قوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (٢) فإن: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ من الأول وكُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ من الثانى. ثم قال: (وهو أيضا) أى والتذييل أو الضرب الثانى، وفيه بعد؛ لأن الضرب الأول تطرقه هذا التقسيم أيضا، إما لتأكيد مفهوم كقول النابغة الذبيانى:

ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث أىّ الرّجال المهذّب (٣)

لأن صدر البيت دل بمفهومه على نفى الكامل، فحقق ذلك بقوله: أى الرجال المهذب؟ لأنه استفهام بمعنى النفى.

(قلت): وفى دعوى أن صدره دل على نفى الكامل بالمفهوم نظر؛ لأن معنى النصف الأول: لا يدوم لك ود من لا تلم شعثه، سواء أكان له شعث، أو لم يكن، بل كان كاملا. فكأنه قال: من لم ترض بعيوبه، لا يحصل لك وده. وذلك لا يلزم منه، أنه لا وجود للكامل.


(١) البيت للنابغة ديوانه ص ٦٦، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٦٠ وهو من قصيدة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر ويمدحه مطلعها:
أتانى - أبيت اللعن - أنك لمتنى * ... وتلك التى أهتم منها وأنصب
الشعث: التفرق وذميم الخصال.
(٢) سورة الأنبياء: ٣٤، ٣٥.
(٣) البيت من الطويل وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٢٨، ولسان العرب ٢/ ١٦١ (شعث)، ١٤/ ٨١ (بقى)، وتهذيب اللغة ١/ ٤٠٦، ٦/ ٢٦٦، ٩/ ٣٤٨، وكتاب العين ٥/ ٢٣٠، وجمهرة اللغة ص ٣٠٨، وجمهرة الأمثال ١/ ١٨٨، وفصل المقال ص ٤٤، والمستقصى ١/ ٤٥٠، ومجمع الأمثال ١/ ٢٣، ومقاييس اللغة ١/ ٢٧٧، وأساس البلاغة ص ٢٧ (بقى) وتاج العروس (بقى).

<<  <  ج: ص:  >  >>