للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبله السكاكىّ مطلقا.

وردّه غيره مطلقا.

والحق: أنه إن تضمّن اعتبارا لطيفا، قبل؛ كقوله [من الرجز]:

ومهمه مغبرّة أرجاؤه ... كأنّ لون أرضه سماؤه

ــ

المقدمة الثانية أن القلب تارة يكون بين الفاعل والمفعول مثل:" قطع الثوب المسمار"، وتارة بين المفعولين مثل:" جعلت الخزف طينا"، وتارة يكون بين المبتدأ والخبر مثل:" الأسد كزيد"، وتارة بين مفعول صريح وغيره مثل:" عرضت الناقة على الحوض" و" أدخلت القلنسوة فى رأسى"، وتارة بين الشرط وجوابه كما سيأتى فى قوله

تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (١) وغير ذلك. إذا تقرر هذا فنقول: حكى النحاة فيه أقوالا، أحدها أن ذلك يجوز فى الكلام والشعر اتساعا لفهم المعنى كقوله تعالى: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ (٢) المعنى لتنوء العصبة بها، وكقوله تعالى:

وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ (٣) وكقولهم: عرضت الناقة على الحوض وأدخلت القلنسوة فى رأسى، وقول الشاعر:

كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزّناء فريضة الرّجم (٤)

وإليه ذهب أبو عبيدة، وأجازه أبو على فى قوله تعالى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ (٥) أى فعميت عليها؛ الثانى أنه لا يجوز لمجرد الضرورة؛ الثالث أنه لا يجوز إلا للضرورة، وتضمن الكلام معنى يصح معه القلب؛ الرابع أنه لا يجوز فى غير القرآن، ولا يجوز أن يحمل القرآن عليه. هذا ما ذكره النحاة، وأما البيانيون فقد قال المصنف: إن السكاكى قبله مطلقا ورد غيره مطلقا، والحق أنه إن تضمن اعتبارا لطيفا قبل كقوله:

ومهمه مغبرّة أرجاؤه ... كأنّ لون أرضه سماؤه (٦)


(١) سورة النحل: ٩٨.
(٢) سورة القصص: ٧٦.
(٣) سورة القصص: ١٢.
(٤) البيت من الكامل، وهو للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ٣٥، ولسان العرب ١٤/ ٣٥٩ (زنى)، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى ١/ ٢١٦، والإنصاف ١/ ٣٧٣. ورواية عجزه:
" كأن الزناء ... "
(٥) سورة القصص: ٦٦.
(٦) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ٣، والأشباه والنظائر ٢/ ٢٩٦، وخزانة الأدب ٦/ ٤٥٨، وشرح التصريح ٢/ ٣٣٩، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٧١، ولسان العرب ١٥/ ٩٨ (عمى)، ومعاهد التنصيص

<<  <  ج: ص:  >  >>