للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُبَيِّض وُجُوهَنا؟ ألَم تُدْخِلْنا الْجَنّة، وتُنَجِّنا مِنْ النَّار؟ قال: فَيَكْشِف الْحِجَاب فَمَا أْعْطُوا شِيئًا أحَبّ إليهم مِنْ النَّظَر إلى رَبِّهم عَزَّ وَجَلّ. وفي رِوَاية: ثم تَلا: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (١).

وأوْرَد القرطبي أحَادِيث وأقْوَالًا أخْرَى في مَعْنَى الزِّيَادَة، وسَبَق اخْتِيَارُه لِمَعْنَى الزِّيَادَة.

ونَقَل في قَوله تَعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: ٣٥] قَوْل أنس وجابر: الْمَزِيد النَّظَر إلى وَجْه الله تَعالى بِلا كَيف. وقد وَرَد ذَلك في أخْبَار مَرْفُوعَة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قَولِه تَعَالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) قال: الزِّيَادَة النَّظَر إلى وَجْه الله الكَرِيم.

ثم أوْرَد مَا جَاء عن ابن مسعود قال: تَسَارَعُوا إلى الْجُمُعَة فإنَّ الله تَبَارَك وتَعَالى يَبْرُز لأهْل الْجَنَّة كُلّ يَوْم جُمُعَة في كَثِيب مِنْ كَافُور أبْيَض فَيَكُونُون مِنه في القُرْب.

قال ابن المبارك: على قَدْر تَسَارُعِهم إلى الْجُمُعَة في الدُّنيا. وقال يحيى بن سَلَّام: لِمُسَارَعَتِهم إلى الْجُمَع في الدُّنيا (٢).

وفي آيَة "المطففين" نَقَل عن الزجاج قَوله: في هَذه الآيَة دَلِيل على أنَّ الله عَزّ وَجَلّ يُرَى في القِيَامَة، ولولا ذلك مَا كَان في هَذه الآيَة فَائدَة، ولا خَسَّت (٣) مَنْزِلَة الكُفَّار بِأنَّهُم يُحْجَبُون. وقَال جَلَّ ثَنَاؤه: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، فأَعْلَمَ اللهُ جَلّ ثَنَاؤه أنَّ الْمُؤمِنِين يَنْظُرُون إليه، وأَعْلَمَ أنَّ الكُفَّار مَحْجُوبُون عنه. وقال مَالك بن أنس في هَذه الآيَة: لَمَّا حَجَب أعْدَاءَه فَلَم يَرَوه تَجَلَّى لأوْلِيائه حَتى رَأَوه. وقال


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٨/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٢) المرجع السابق (١٧/ ٢٢)، وأكد ذلك في تفسير سورة الجمعة (١٨/ ١٠٦، ١٠٧).
(٣) يعني أصبحت خسيسة، وفي اللسان (٦/ ٦٤): وخس الشيء يخس ويخس خسة وخساسة فهو خسيس.

<<  <   >  >>