للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي قَوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) أشَار الزمخشري إلى صِلَة هَذه الآيَة بِمَا قَبْلَها، وأنَّ التَّأكِيد بـ (إنَّ) في أوَّل هَذه الآيَة مُؤكِّد للجُمْلَة الأُولى، "آذَنَ أنَّ الإسْلام هو العَدل والتَّوحِيد (١)، وهو الدِّين عِند الله، ومَا عَدَاه فليس عِنده في شَيء مِنْ الدِّين" (٢).

وفي قَوله تَعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) قال: يَعني: التَّوْحِيد وإسْلام الوَجْه لله تَعالى (٣).

وبيَّن ابن عَطية مَعْنَى الدِّين في الآيَة، فَقَال: الدِّين في هذه الآية الطَّاعَة والْمِلَّة، والْمَعْنَى: أنَّ الدِّين الْمَقْبُول، أوْ النَّافِع، أوْ الْمُقَرَّر. والإسْلام في هذه الآيَة هو الإيمان والطَّاعَة. قَاله أبو العالية، وعليه جُمْهُور الْمُتَكَلِّمِين، وعَبّر عنه قتادة ومحمد بن جعفر بن الزبير بالإيمان.

قال أبو محمد رحمه الله: ومُرَادُهما أنه مَع الأعْمَال (٤).


(١) للمعتزلة اصطلاح خاص بهذا التعبير، بل يسمون أنفسهم: أهل العدل والتوحيد. وهذا أصل من أصولهم الخمسة. وقد تكرر هذا الوصف في "الكشاف" وينظر لذلك: الملل والنحل، الشهرستاني (١/ ٤٣)، "الصواعق المرسلة"، ابن القيم (٣/ ٩٤٩)، و"شرح العقيدة الطحاوية"، ابن أبي العز (ص ٥٨٩)، و"فتح الباري"، ابن حجر (١٣/ ٣٤٤).
(٢) الكشاف، مرجع سابق (ص ١٦٤)، ثم ذكر أن من أجاز رؤية الله، أو ذهب إلى الجبر، أنه ليس على دين الإسلام! وقد تعقبه ابن المنير في الحاشية، فقال: هذا تعريض بخروج أهل السنة من ربقة الإسلام، بل تصريح وما ينقم إلا أن صدقوا وعد الله عباده المكرمين على لسان نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم أنهم يرون ربهم كالقمر ليلة البدر .... اهـ. وسيأتي مبحث الرؤية لاحقًا.
وقال ابن القيم (الصواعق المرسلة ٣/ ٩٤٩) عن المعتزلة: سموا أنفسهم "أهل العدل والتوحيد" وسموا من أثبت صفات الرب وأثبت قدره وقضاءه "أهل التشبيه والجبر".
(٣) الكشاف، مرجع سابق (ص ١٨٠).
(٤) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٤١٣).

<<  <   >  >>