للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال في تَفسير سُورة الطلاق: أمَّا الْمُتَوفَّى عنها زَوجها فَعِدَّتها أرْبعة أشْهر وعَشر، سَواء كانَت مِمَّنْ تَحِيض أوْ لا تَحِيض، وأمَّا الْحَامِل فَعِدَّتها بِوَضْع الْحَمْل، سَواء طَلَّقَها زَوجها، أوْ مَاتَ عنها، لقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١).

في حين قال ابن الجوزي في آية "البقرة": فأمَّا التي نَحن في تَفْسِيرها فقد رُوي عن ابن عباس أنه قال: نَسَخَتها (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، والصَّحِيح أنها عَامَّة دَخَلَها التَّخْصِيص؛ لأنَّ ظَاهِرَها يَقْتَضِي وُجُوب العِدَّة على الْمُتَوفَّى عَنها زَوجها أرْبعة أشْهر وعَشرا، سَواء كانت حَامِلًا أوْ غَير حَامِل، غَيْر أنَّ قَوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) خَصّ أوْلات الْحَمْل، وهي خَاصَّة أيضًا في الْحَرَائر، فإنَّ الأمَة عِدّتها شَهْرَان وخَمْسَة أيَّام؛ فَبَان أَنَّها مِنْ العَامِّ الذي دَخَلَه التَّخْصِيص (٢).

وهذا الذي قَالَه القُرْطُبي قَال بِه مِنْ قَبله ابن عطية، فإنه قال ما نَصّه: وهذه الآية هي في عِدَّة الْمُتَوفَّى عَنها زَوجها، وظَاهِرُها العُمُوم ومَعْنَاها الْخُصُوص في الْحَرَائر غَير الْحَوامِل، ولم تَعْنِ الآية لِمَا يَشِذّ مِنْ مُرْتَابَة ونحوها.

قال: وحَكَى الْمَهْدَوي عن بَعض العُلَمَاء أنَّ الآية تَنَاوَلَتِ الْحَوامِل ثم نُسِخ ذلك بِقَولِه: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، وعِدَّة الْحَامِل وَضْع حَمْلها عند جُمْهُور العُلَمَاء. وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وغيرهما أنَّ تَمَام عِدَّتِها آخِر الأجَلين (٣).


(١) معالم التنْزيل، مرجع سابق (٤/ ٣٥٨).
(٢) زاد المسير، مرجع سابق (١/ ٢٧٥).
(٣) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>