ليس عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما عرفناك ذلك فهو ردٌّ على قائله، أي مردودٌ عليه.
والذي شرع للناس هذه الشريعةَ الإسلامية هو الرَّبُّ سبحانه بما أنزله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
فليس لعالم ـ وإن بلغ من العلم إلى أرفع رتبة وأعلى منزلة ـ أن يكون بحيث يُقتدى به فيما خالف الكتاب والسنة أو أحدهما، بل ما وقع منه من الخطأ بعد توفية الاجتهاد حقه يستحق به أجراً، ولا يجوز لغيره أن يتابعَه عليه، وقد أوضحنا هذا في أول البحث بما لا يأتي التكرار له بمزيد فائدة.
وأمَّا ما استدلَّ به الإمام يحيى حيث قال:"لاستعمال المسلمين ذلك، ولم ينكروه" فقولٌ مردود؛ لأنَّ علماءَ المسلمين مازالوا في كلِّ عصر يروون أحاديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في لعن مَن فعل ذلك، ويقرِّرون شريعةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك في مدارسهم ومجالس حفاظهم، يرويها الآخرُ عن الأول، والصغير عن الكبير، والمتعلِّم عن العالم، مِن لدن أيام الصحابة إلى هذه الغاية، وأوردها المحدِّثون في كتبهم المشهورة من الأمَّهات والمسندات والمصنفات، وأوردها المفسرون في تفاسيرهم، وأهل الفقه في كتبهم الفقهية، وأهل الأخبار والسير في كتب الأخبار والسير، فكيف يقال: إنَّ المسلمين لَم ينكروا على من فعل ذلك، وهم يروون أدلَّةَ النهي عنه واللعن لفاعله، خلفاً عن سلف في كلِّ عصر؟ ومع هذا فلم يزل علماء الإسلام منكرين لذلك مبالغين في النهي عنه.
وقد حكى ابنُ القيم عن شيخه تقي الدين ـ رحمهما الله ـ وهو الإمام المحيط بمذهب سلف هذه الأمة وخلفها، أنَّه قد صرَّح عامةُ