للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهُ الدَّلالة من الحديثين:

دل ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل السقاية والرعاة في ترك المبيت بمنى على أن غيرهم ممن لم يرخص لهم يجب عليه المبيت، وإذا كان كذلك وجب الدم على من ترك البيتوتة مطلقًا من غير تقييد بعدد (١).

الدليل الثالث: بات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع ليالي منى، وفعلُه نُسُكٌ (٢) لأنه قال: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ) (٣)، وإذا تقرر أن المبيتَ بمنى نُسُكٌ، ثبت وجوبه، وإذا ثبت وجوبه، لزم بتركه الدم مطلقًا.

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - لا يجب على من ترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق بلا عذر شيءٌ، لا فرق بين ترك ليلة وأكثر، - بما يلي:

الدليل الأوّل: عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، (أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ) (٤).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

لما رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- - لأهل السقاية والرعاة في ترك المبيت بمنى للحاجة، دلَّ ذلك على أن تركه للعذر ولغير العذر لا يوجب شيئًا، لأن المناسك الواجبة لا يجوز تركها إلّا لضرورة (٥).

نوقِشَ: الرخصة في ترك المبيت لأهل السقاية خاصّةٌ بهم لا تتعداهم إلى غيرهم، بدليل ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- للحائض بترك طواف الوداع، وللضَّعَفَة من أهله بالدفع لمزدلفة، ولم يدل ذلك على جواز


(١) انظر: الحاوي (٤/ ٢٠٥)، التعليقة، لأبي يعلى (٢/ ١٥٢)، إكمال المعلم (٤/ ٣٩٦)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٩/ ٢٣٧)، العدة، لابن العطار (٢/ ١٠٦٨).
(٢) انظر: الشرح الكبير، لأبي الفرج (٩/ ٢٣٧)، شرح العمدة (٢/ ٥٥٦).
(٣) رواه مسلم، كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقب (٢/ ٩٤٣) (١٢٩٧).
(٤) تقدم تخريجه ص ٤٤٩.
(٥) انظر: التجريد، للقدوري (٤/ ١٩٥٨)، التعليقة، لأبي يعلى (٢/ ١٥٤)، شرح العمدة (٢/ ٦٤٣).

<<  <   >  >>