للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي مقابل هذا التخبط بين الإفراط والتفريط نجد أن الاقتصاد الإسلامي يحقق التوازن الدقيق بين حاجات الإنسان الفطرية والمكتسبة وبين حاجات الجماعة والمجتمع، بشكل يؤدي إلى التكامل الاجتماعي social intigration. فالفرد في النظام الإسلامي مطالب بالعمل والتكسب طالما أنه قادر على ذلك وهو عندما يعمل ويتكسب من حقه تملك ما يحصل عليه بالطرق الشرعية القانونية الخالية من الاستغلال والإضراب بمصالح الآخرين، وهذا هو ما يبرر الحق في التملك، نتيجة الميراث ونتيجة الجهد والعمل المشروع -وعلى المالك الذي من حقه تنمية ممتلكاته أن يؤدي فريضة الزكاة حيث يخرج من ماله- بالنسب التي حددها الشرع؛ ليعطي الفقراء والمحتاجين، إلى جانب ما يخرجه تطوعا لأداء واجب التكافل الاجتماعي. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسمله، ومن تركه يجوع ويعرى - وهو قادر على إطعامه وكسوته- فقد أسلمه" وصح عنه عليه السلام أنه قال: "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له"، ويقول المحدث: ثم ذكر أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منها في فضله. ويقول عمر بن الخطاب: "لو استقبلت من امرئ ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين".

والدولة الإسلامية لا تكتفي بالإشراف على أداء الأغنياء لفرض الزكاة وواجبات التكافل الاجتماعي وإيجاد فرص العمل للقادرين عليه ومنع الأساليب غير المشروعة -كالربا والغش والاحتكار- في التعاملات الاقتصادية، والقيام بالمشروعات التي يعجز عنها الأفراد أو التي يجب أن تقوم بها الدولة حماية للصالح العام ... إلخ، ولكنها تراقب ممارسة الفراد لحريتهم المقررة ومن حقها -في بعض الحالات- التدخل للحد من هذه الحريات تحقيقا لصالح المجتمع والجماعة المسلمة. وليس أدل على ذلك مما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام المجاعة، فلما وجد أن

<<  <   >  >>