خشب صغيرة تصون الموضع غير ثابتة فيه. فاذا جاء المبصر لها نحاها ولمس الموضع الكريم وتبرك به ثم أعادها عليه.
وفي يوم الجمعة الرابع والعشرين من الشهر المذكور نفذ أمر الأمير مكثر بالقبض على زعيم الشيبيين محمد بن اسماعيل وانتهاب منزله وصرفه عن حجابة البيت الحرام، طهره الله، وذلك لهنات نسبت اليه لا تليق بمن نيطت به سدانة البيت العتيق:«ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم» ، أعاذنا الله من سوء القضاء، ونفوذ سهام الدعاء، بمنه.
وفي هذه الأيام السالفة من الشهر المذكور توالى مجيء السرويين اليمنيين في رفاق كثيرة بالميرة من الطعام وسواه وضروب الإدام والفواكه اليابسة فأرغدوا البلد؛ ولولاهم لكان من اتصال الجدب وغلاء السعر في جهد ومشقة، فهم رحمة لهذا البلد الامين. ثم توجهوا الى الزيارة المباركة، الى التربة المباركة، طيبة مدفن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ووصلوا في أسرع مدة، قطعوا الطريق من مكة الى المدينة في يسير أيام، ومن صحبهم من الحاج حمد صحبتهم. وفي أثناء مغيبهم وصلت طوائف أخر منهم للحج خاصة لضيق الوقت عن الزيارة فأقاموا بمكة، ووصل الزوار منهم فضاق بهم المتسع.
فلما كان يوم الاثنين السابع والعشرين من الشهر المذكور فتح البيت العتيق، وتولى فتحه من الشيبيين ابن عم الشيبي المعزول، وهو أمثل طريقة منه على ما يذكر. فازدحم السرو للدخول على العادة، فجاءوا بأمر لم يعهد فيما سلف، يصعدون أفواجا حتى يغص الباب الكريم بهم فلا يستطيعون تقدما ولا تأخرا الى ان يلجوا على أعظم مشقة ثم يسرعون الخروج، فيضيق الباب الكريم بهم، فتتحدر الفوج منهم على المصعد وفوج أخرى صاعدة فيلتقيان وقد ارتبط بعضهم الى بعض، فربما حمل المنحدرون في صدور الصاعدين، وربما وقف الصاعدون للمنحدرين وتضاغطوا الى ان يميلوا فيقع البعض على البعض. فيعاين النظارة منهم مرأى هائلا: فمنهم سليم، وغير سليم، وأكثرهم انما ينحدرون وثبا على