للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر خشبات، وللآخر ثلاثة كما هو ظاهر الرواية ثم رجع وقال: يقضى بالحائط لصاحب العشرة، لأن يد الاستعمال أقوى إلا أنه لا يؤمر الآخر برفع الجذوع، والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية.

ولو كان لأحدهما عليه عشر خشبات إلى الثلاث وللآخر عليه ما دون الثلاث خشبة أو خشبات، فالحائط لصاحب الثلاث فصاعداً إلى العشرة ولصاحب ما دون الثلاث موضع جذعه مع أصل الحائط، ومعناه أنه يقضى بملك الحائط بينهما على قدر جذوعهما، لا أنه يقضى بملك الحائط لصاحب العشرة وللآخر مجرد حق الوضع، إذ لو كان المراد ذلك لكان يقال: الحائط لصاحب العشرة وللآخر حق وضع الجذع كما قال، وللآخر موضع جذعه مع أهل الحائط، علمنا أنه أراد به أن الحائط بينهما على عدد أجذاعهما، حتى أنه إذا كان لأحدهما عشر جذوع وللآخر جذع واحد يقضى بينهما، وهذا قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف، وكان ينبغي في القياس يقضى بينهما، هكذا ذكر الكرخي في «مختصره» ، قال في «النوازل» : وكان أبو حنيفة وأبو يوسف يقولان بالقياس أولاً ثم رجعا عنه.

وذكر الحاكم الشهيد في «المختصر» في كتاب الدعوى: أنه إذا كان لأحدهما عليه عشر خشبات، وللآخر عليه خشبة واحدة، ذكر في كتاب الصلح: أن لكل واحد منهما ما تحت خشبته، ولا يقضى بينهما نصفان يستحسن ذلك في الخشبة الواحدة ونحوها في كتاب الإقرار هو لصاحب العشرة، إلا موضع الخشبة.

قال القدوري: أراد بقوله في كتاب الإقرار هو لصاحب العشرة إلا موضع الخشبة استثناء حق الوضع يعني لصاحب القليل حق وضع خشبة.

وفي «المنتقى» قال أبو يوسف: إذا كان لأحدهما على الحائط أجذع، وللآخر عليه أكثر من ذلك جعله بينهما نصفان، ثم قال بعد ذلك: إذا كان لأحدهما عليه ثلاثة وللآخر عليه عشرون (١٩٩أ٤) فالحائط لصاحب العشرين ولصاحب الثلاثة موضع جذوعه وإنما أجعله بينهما نصفين إذا تقاربت أو كان لصاحب الأقل أكثر من نصف جذوع الآخر.

وجه القياس في التسوية بين الجذع الواحد والثلاثة فصاعداً، يقضى بينهما نصفان: أن الاستعمال بوضع الخشبة يثبت يد صاحبها على الحائط، فلا تعتبر الكثرة بعد ذلك للترجيح، كما لو تنازعا في ثوب وعامته في يد أحدهما، وطرفه في يد الآخر، وجه رواية التسوية بين الثلاث وما زاد عليها، وترجيح الثلاث فصاعداً على ما دون الثلاث أن صاحب الثلاث ساوى صاحب ما زاد على الثلاث في الاستعمال الذي يبنى الحائط لأجله وهو التسقيف، فإن التسقيف يتأتى بالثلاث كما يتأتى بما زاد على الثلاث، وأما صاحب الواحد لا يساوي صاحب الثلاث في ذلك، لأن التسقيف لا يتأتى بالواحد، أو إن كان يتأتى ولكن بطريق الندرة وظهر الفرق من هذا الوجه وفي بعض المواضع: جعل الخشبتان بمنزلة الثلاث وبه أخذ بعض المشايخ، لأنه يمكن التسقيف بهما كما يمكن بالثلاث.

ثم على رواية كتاب الصلح، إذا قضي لكل واحد منهما بما تحت خشبته إذا كان لأحدهما عليه عشرة، وللآخر عليه واحد كيف يقضى بما بين الخشبات؟ لم يذكر هذا في «الكتاب» وقد اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا: يقضى على أحد عشر سهماً، وبعضهم قالوا: يقضى بينهما نصفان لاستوائهما في ذلك. ألا ترى أن في الدار التي فيها منازل وفي يدي رجل منزل منها وفي يد آخر باقي المنازل، إذا اختلفا بالساحة يقضى بالساحة بينهما لاستوائهما في الساحة، كذا ههنا، وقال بعضهم بمنزلة الواحدة إذ لا يمكن التسقيف بهما إلا على سبيل الندرة.

ومما يتصل بهذا الفصل

قال أبو حنيفة رحمه الله: في خُصّ بين رجلين والقمط إلى أحدهما، وادعى كل واحد منهما الخُصّ، فإنه يقضى بالخُصّ بينهما ولا ينظر إلى القمط، وقال أبو يوسف ومحمد: يقضى بالخُصّ لمن إليه القمط لأن الظاهر شاهد له؛ لأن الذي يشد الخُصّ يقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>