للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها في أيديهما يجعل في أيديهما على ما كان كذا ههنا.

وكذلك إن كان لأحدهما عليه هراوي أو بواري، ولا شيء للآخر عليه يقضي بينهما، لأن موضع الهراوي لا يثبت على الحائط يد استعمال، لأن الحائط إنما يبتني للسقف، وذلك للوضع بالجذوع عليه لا بوضع البواري والهراوي، لأن السقف على الهراوي والبواري لا يمكن، وإنما توضع الهراوي والبواري للاستظلال، والحائط لا يبنى للاستظلال، وهو نظير ما لو كان لأحدهما على الحائط ثوب مغصوب مبسوط ولا شيء للآخر، وهناك يقضى بالحائط بينهما، لأن صاحب الثوب غير مستعمل للحائط بالطريق الذي قلنا كذا ههنا.

وإن كان لأحدهما عليه جذوع ولا شيء للآخر، فإنه يقضى به لصاحب الجذوع، لأن لصاحب الجذوع يداً مستعملة وللآخر مجرد يد بلا استعمال، فيكون صاحب اليد المستعملة أولى، كدابة تنازع فيها اثنان أحدهما راكب والآخر أخذ بلجامها فالراكب أولى، وكذلك إذا كان لأحدهما عليها حمل وللآخر مخلاة، فصاحب الحمولة أولى، لأن له يد مستعملة وليس للآخر إلا مجرد يد بلا استعمال، وكثوب تنازع فيه اثنان وأحدهما لابسه والآخر متعلق بطرف منه، كان اللابس أولى، وكذلك هذا.

وإنما اعتبر الاستعمال ترجيحاً إذا استويا في اليد، لأن للاستعمال زيادة دليل على الصدق ليس من جنس اليد فيصلح للترجيح كيد ذي اليد في دعوى النكاح والشراء من ثالث، فإن بينة ذي اليد تترجح باليد، لأن اليد دليل زائد على الصدق، وإنه من خلاف جنس البينة فصلح لترجيح إحدى البينتين، فكذا الاستعمال دليل زائد على الصدق، لأن الظاهر أن الاستعمال إنما يكون من المالك، كما أن الظاهر أن اليد تكون للمالك لا لغيره، وأنه ليس من جنس اليد لأن الاستعمال انتفاع بعد ثبوت اليد، فكان جنساً آخر سوى اليد فيصلح للترجيح، وكذلك إذا كان للآخر عليه هراوي؛ لأن الهراوي ليس باستعمال للحائط على ما بيّنا، فيكون وجوده وعدمه بمنزلة.

وإن كان لأحدهما عليه جذوع وللآخر عليه (١٩٨ب٤) حائط سترة، فالحائط الأسفل لصاحب الجذوع لكونه مستعملاً له موضع حمل مقصود عليه ولصاحب السترة، السترة على حالها بمنزلة سفل لأحدهما، وعليه علو لآخر.

وإن كان لأحدهما جذع واحد، ولا شيء للآخر أو للآخر عليه هراوي هل يقضى لصاحب الجذوع الواحد؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذا في ظاهر الرواية، وقال بعض مشايخنا: إنه لا يقضى لصاحب الجذع الواحد، لأن الحائط لا يبنى لوضع جذع واحد فكان كما إذا كان له عليه هراوي.

وروى ابن سماعة عن محمد أنه قال: يقضى لصاحب الجذع الواحد، وذلك لأن لصاحب الجذع الواحد، وذلك لأن لصاحب الجذع مع اليد نوع استعمال، لأن وضع الجذوع استعمال للحائط قضينا لصاحب الجذوع، فيكون وضع جذع واحد استعمالاً للحائط بقدره، وليس للآخر ذلك فيكون صاحب الجذع الواحد أولى، بسبب الاستعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>