للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسقط والجلد بمثل ذلك قضي لكل واحد منهما بما في يد صاحبه، لأن كل واحد منهما خارج فيما في يد صاحبه، وبينة الخارج في دعوى الملك المطلق أولى، ولو اقام كل واحد منهما بينة أن الشاة التي هذا رأسها وهذا سقطها نتجت عنده في ملكه، وأنه ذبحها وسلخها وله جلدها ورأسها وسقطها يقضى بالكل للذي الشاة في يديه، لأنهما أثبتا النتاج في ملك الشاة وأحدهما ذو اليد فيكون ذو اليد أولى بها، وإذا صار ذو اليد أولى بالشاة صار أولى بالجلد والرأس والسقط لكون هذه الأشياء تابعة للشاة، فقد جعل السقط أصلاً في دعوى الملك المطلق على ما مر، وجعله تبعاً في دعوى النتاج وكان ذلك من باب العمل بالشبهين؛ لأن السقط أصل من وجه فعمل بالشبهين فجعل أصلاً في دعوى الملك المطلق، وجعله تبعاً في دعوى النتاج.

قال في «المنتقى» : والصوف وورق الشجر وثمرة الشجرة بمنزلة النتاج وغصن الشجر والحنطة ليس بمنزلة النتاج، حتى لو أقام المدعي بينة أن هذا الصوف صوف شاته وهذه الثمرة وهذا الورق من شجره، وهذا الغصن من نخله وهذه الحنطة من حنطة بذرها في أرضه، وأقام صاحب اليد البينة على مثل ذلك، ففي الغصن والحنطة يقضى للمدعي، وفي الصوف والتمر والورق يقضى لصاحب اليد.

ومما يتصل بهذا الفصل

إذا أقام الرجل بينة على ثوب في يدي رجل أنه نسجه (١٩٧ب٤) ولم يشهدوا أنه له، أو ادعى دابة في يدي رجل أنها نتجت عنده ولم يشهدوا أنها له، أو ادعى أمة في يدي رجل أنها ولدت عنده ولم يشهدوا أنها أمته، فإنه لا يقضى للمدعي في هذه المسائل؛ لأن شهوده لم يشهدوا بالملك له نصاً وأنه ظاهر، ولا يقضى بشهادتهم بالولادة والنسج، لأن الإنسان قد ينسج غزل غيره بأمره بأجر أو إعانة، وقد تلد أمة الإنسان عند غيره.

وكذلك في فصل الأمة، إذا شهدوا أنها أمة المدعي لا يقضى بها للمدعي؛ لأنهم لم يشهدوا بالملك للمدعي فيها نصاً وإنه ظاهر، ولا يقضى بشهادتهم أنها ابنة أمة، إذ ليس من ضرورة كونها ابنة أمته أن تكون ملكاً له، فإن المولى إذا استولد أمة نفسه وولدت بنتاً فهذه ابنة أمته، وليست بمملوكة له، وكذلك الأمة إذا زوجت نفسها بغير إذن مولاها على أنها حرة، فولدت ابنة فهذه ابنة أمة هذا الرجل، وليست بمملوكة له، وكذلك الرجل إذا باع ابنة أمته من إنسان فهذه ابنة أمة البائع بعد البيع، وليست بمملوكة له.

فرق بين هذه المسألة وبينما إذا شهد الشهود أن هذا العبد ولدته أمة هذا المدعي، فإن هناك يقضى بالعبد للمدعي، والفرق: أن في مسألة العبد الشهود شهدوا بملكية الولد حيث قالوا: هذا العبد، وشهدوا بملكية أمة المدعي وقت الولادة، والأمة المملوكة للإنسان لا تلد ولداً مملوكاً لغير المالك، فكأنهم شهدوا بملكية الولد للمدعي، أما في مسألة البنت ما شهدوا على ملكية البنت؛ لأنهم شهدوا أنها بنت أمته وليس من ضرورة كونها ابنة الأمة أن تكون مملوكة أصلاً، لجواز أنها علقت حرة الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>