قال محمد رحمه الله في «الأصل» : إذا ادعت امرأة غزل قطن في يد امرأة أخرى أنه ملكها غزلته وأقامت على ذلك بينة، وأقامت صاحبة اليد بينة على مثل ذلك قضي بالغزل لصاحبة اليد، لأنه بمعنى النتاج لأن الغزل سبب ذلك، فإن من غصب من آخر قطناً وغزل القطن ملكه وغزل القطن لا يعاد ولا يكرر، فكان بمنزلة دعوى النتاج من هذا الوجه فيقضي ببينة صاحبة اليد كما في دعوى النتاج.
وكذلك لو ادعى صوفاً في يدي رجل أنه صوفه جزه من غنمه، وأقام على ذلك بينة وأقام صاحب اليد بينة بمثل ذلك، قضي به لصاحب اليد، لأنه بمنزلة دعوى النتاج، لأن الجز في مجزوز واحد مما لا يتكرر، وكذلك إذا ادعى سمناً أو زيتاً أو دهن سمسم في يدي رجل أنه له عصره وملأه، وأقام على ذلك بينة، وأقام صاحب اليد بينة مثل ذلك قضي لصاحب اليد؛ لأن هذا مما لا يثنى ولا يكرر فيكون بمعنى دعوى النتاج، وكذلك الدقيق والسويق على هذا، والولادة في بني آدم بمنزلة النتاج في البهائم، حتى إذا تنازع اثنان في غلام كل واحد منهما يدعي أن الغلام ملكه ولد في ملكه، والغلام في يد أحدهما وأقام كل واحد منهما بينة على دعواه، فيقضي ببينة صاحب اليد، وسيأتي الكلام فيه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وإذا (اختلف) اثنان في غزل صوف والغزل في يد أحدهما، فأقام كل واحد منهما بينة أنه ملكه غزله، قضي بالغزل للخارج؛ لأنه بمعنى دعوى ملك المطلق، لأنه يثنى ويكرر وإذا وقع الدعوى في حلي مصوغ فهو بمنزلة دعوى ملك المطلق، لأن الصياغة مما يتكرر.
وإذا كانت الدار في يدي رجل أقام رجل آخر بينة أنها دار جده، اختطها وساق الميراث حتى انتهى إليه، وأقام صاحب اليد بينة بمثل ذلك، فإنه يقضى بالدار للمدعي؛ لأن كل واحد منهما ادعى أولية الملك بالاختطاط، والاختطاط مما لا يتكرر؛ لأن الاختطاط قسمة الإمام عند الفسخ، فيخط لكل واحد من الغانمين خطاً في موضع معلوم ويملكه ذلك بالقسمة، فيكون خطه له وهذا قد يكون غير مرة بأن يرتد أهلها، وتصير.... فإنها دار الشرك بوجود شرائطها ثم غلبها المسلمون ثانياً، فيقسمها الإمام بالخط لكل واحد منهما كما بينا.
أرض في يدي رجل وفيها نخيل، ادعى رجل أن هذه الأرض وهذه النخيل له غرسها، وأقام على ذلك بينة وأقام صاحب اليد بينة على مثل ذلك، قضي بالأرض