فيه مع الثالث للذي أعاد بينته، لأن القاضي حين قضى أول مرة بالعبد بين المقضي لهما فقد قضى لكل واحد منهما على صاحبه بنصفه، فلا يقبل من كل واحد منهما بينة بعد ذلك على ما قضي به لصاحبه، فإن وجد المقضي عليه الأول وهو الذي كان العبد في يده بينة أن العبد ملكه ولد في ملكه وأقامها عند القاضي قضى القاضي بالعبد له، لأنه لو أقام يومئذ بينة على ذلك كان هو أولى فكذلك إذا أقام بينة بعد ذلك.
ومما يتصل بهذا الفصل أيضا
ما ذكر في «الأصل» : أمة في يدي رجل أقام رجل بينة أن قاضي بلد كذا قضى له بها على هذا الرجل الذي هو في يديه، وأقام ذو اليد بينة أنها أمته ولدت في ملكه، فهذه المسألة على وجوه.
الأول: أن يشهد شهود المدعي أن قاضي بلدة كذا قضى لهذا المدعي بشهادة شهود شهدوا عنده أنه اشتراها من ذي اليد، أو وهبها ذو اليد له أو تصدق بها ذو اليد عليه، وفي هذا الوجه القاضي يمضي قضاء ذلك القاضي ويدفعها إلى المدعي.
الوجه الثاني: أن يشهد شهود المدعي أن قاضي بلد كذا قضى بها لهذا المدعي ولم يثبتوا سبب القضاء، وفي هذا الوجه القاضي يمضي ذلك القضاء أيضاً ويدفعها إلى المدعي، لأن ذلك القضاء قد صح ظاهراً، ومن الجائز أن يكون القاضي إنما قضى بشهادة شهود شهدوا عنده أن المدعي اشتراها من ذي اليد، أو وهبها ذو اليد له، أو تصدق بها عليه، وعلى هذا التقدير بينة ذي اليد على الولادة في ملكه لا يبطل ذلك القضاء بل يقرره.
الوجه الثالث: أن يشهد شهود المدعي أن قاضي بلد كذا قضى بها لهذا المدعي بشهادة شهود شهدوا عنده أنها له أو بشهادة شهود أنها نتجت عنده، وفي هذا الوجه القاضي يمضي ذلك القضاء، أيضاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد أن صاحب اليد لو أقام البينة على النتاج على القاضي الأول بعدما قضى القاضي الأول للمدعي بالنتاج أو بالملك المطلق، نقض القاضي الأول قضاءه للمدعي وقضى بها لصاحب اليد، لما ذكرنا أن بينة ذي اليد على النتاج أولى من بينة المدعي على النتاج، وعلى مطلق الملك فتبين أن قضاء القاضي ببينة الخارج وقع خطأ والخطأ مردود.
فإذا أقام ذو اليد بينة عند القاضي الثاني يجب أن يرد الثاني قضاء الأول؛ لأن المعنى الموجب للرد وهو خطأ القاضي الأول في قضائه لا يتفاوت، ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن قضاء القاضي الأول نفذ من حيث الظاهر، فليس للثاني أن يبطله، مع الاحتمال كما لو بينوا سبب القضاء.
بيان الاحتمال من وجهين: أحدهما: أما إذا شهدوا أنه قضى له بشهادة شهود شهدوا عنده أنها له؛ لأنه يحتمل بشهادة شهود شهدوا عنده أنها له اشتراها من ذي اليد، وأما إذا شهدوا أنها له قضى له بها بشهادة شهود شهدوا عنده أنها نتجت عنده؛ لأنه تحمل أن هؤلاء الشهود عاينوا شهادة الشهود عند القاضي بالنتاج، ثم عاينوا قضاء القاضي بعد ذلك للمدعي بزمان، فشهدوا كما عاينوا وقد تخلل بينهما شراء أو إقرار من