أما ههنا بخلافه: هذا إذا لم يؤرخا، أو أرخا قضي لصاحب اليد إلا إذا كان سن الدابة مخالفاً لوقت صاحب اليد موافقاً لوقت الخارج، فحينئذ يقضي للخارج وإن كان سن الدابة مخالفاً للوقتين، لم يذكر هذا الفصل في الأصل في الدابة، وعامة المشايخ على أنه تتهاتر البينتان وتترك الدابة في يد صاحب اليد قضاء ترك.
وهكذا ذكر القدوري في «شرحه» وذكر محمد رحمه الله في «الأصل» في آخر دعوى النتاج: عبد في يدي رجل أقام بينة أنه عبده ولد في ملكه، ووقت لذلك وقتاً، وأقام صاحب اليد بينة على مثل ذلك، والعبد من الوقتين أكبر وأصغر تتهاتر البينتان، فتصير مسألة العبد رواية مسألة الدابة، إذا كان سنُّه على خلاف الوقتين إنه تتهاتر البينتان.
ومما يتصل بهذا النوع إذا ادعى الخارج فعلاً مع النتاج، أو ادعى كل واحد منهما فعلاً مع النتاج صورته: فيما إذا كان دعوى الفعل مع النتاج من جهة الخارج، ما ذكر محمد رحمه الله في «الأصل» في باب دعوى العتق: عبد في يدي رجل، أقام رجل البينة أنه ولد في ملكه وأنه أعتقه أو دبره، وأقام الذي في يديه بينة أنه عبده ولد في ملكه، قضي للخارج، وإن ادعيا النتاج؛ لأن في دعوى النتاج بدون دعوى الفعل من الخارج إنما بينة ذي اليد كان أولى، لأن البينتان استويا في الإثبات فيما وقع فيه الدعوى، فإن كل بينة تثبت أولية الملك لصاحبها، على وجه يمتنع استحقاقها إلا من جهته، فرجحنا بينة صاحب اليد بحكم اليد، وههنا بينة الخارج أكثر إثباتاً فيما وقع فيه الدعوى، لأنها تثبت أولية الملك للخارج على وجه يمتنع استحقاقه أصلاً، لأن الملك بعد العتق يصير بحال لا يستحق أصلاً، وذو اليد ببينته يثبت أولية الملك على وجه يتصور استحقاق ذلك عليه، فكان بينة الخارج أكثر لأنها تثبت أولية الملك للخارج، على وجه يتصور الاستحقاق عليه من جهته، فإن الملك بعد البيع والإجارة، لا يصير بحال لا يتصور استحقاقه عليه، فرجحنا بينة ذي اليد بحكم يده.
وبخلاف ما إذا ادعى الخارج العتق مع مطلق الملك، وذو اليد ادعى النتاج، فإن بينة ذي اليد أولى؛ لأن دعوى العتق إنما يعتبر ترجيحاً عند استواء البينتين في إثبات الملك، وما استوت البينتان ههنا في إثبات الملك؛ لأن الخارج يثبت أولية الملك مع الاحتمال، وذو اليد يثبت أولية الملك بلا احتمال.
ولو ادعى الخارج التدبير مع النتاج، وادعى صاحب اليد النتاج لا غير، وفي هذا الوجه اختلفت الروايات، ذكر في رواية أبي سليمان أنه يقضي للخارج، وجعله بمنزله العتاق وذكر في رواية أبي حفص أنه يقضي لذي اليد، وجعله بمنزلة الكتابة.
وجه رواية أبي حفص: أن التدبير يفيد حق العتق ولهذا لا يجوز إعتاق المدبر عن كفارة يمينه والحق يلحق بالحقيقة فصار دعوى التدبير ودعوى الإعتاق سواء بخلاف الكتابة؛ لأنها لا تفيد حق العتق ولو ادعى الخارج التدبير والاستيلاد مع النتاج، وادعى ذو اليد عتقاً تاماً كان ذو اليد أولى؛ لأن البينتان استويا فيما وقع فيه الدعوى، فرجحنا بينة صاحب اليد بحكم اليد، فكذا إذا ادعى الخارج التدبير أو الاستيلاد، ولو ادعى ذو