للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في تفسير التثنية قال بعضهم: أن يردها مكروبة، فإن كان تفسيره هذا، فهو شرط مخالف للعقد؛ لأنه شرط يعود منفعته إلى رب الأرض بعد انتهاء العقد، وقال بعضهم: تفسير التثنية أن يكربها مرتين ثم يزرعها، فإن كان تفسيره هكذا، فالفساد يختص بديارهم؛ لأن في ديارهم تخرج الأرض ريعاً تاماً بالكراب مرة وكذا في ديار سيف، فيكون هذا الشرط في مثل هذا الموضع شرطاً لا يقتضيه العقد، ولأحدهما فيه منفعة وهو رب الأرض؛ لأن منفعة الكراب بقي بعد مدة الإجارة فيوجب فساد العقد حتى لو كانت لا تبقى لا يفسد العقد.

وأما إذا كان الأرض في بلدة تحتاج إلى تكرار الكراب فاشتراط التثنية لا يفسد العقد؛ لأنه يكون من مقتضيات العقد، وكذلك إذا شرط عليه (٢٨أ٤) إن يسرقيها فإن كان السرقين من عند المستأجر، فقد شرط عليه عيناً هو مال، فإن كان تبقى منفعته إلى العام الثاني يفسد العقد؛ لأنه شرط شرطاً لا يقتضيه العقد، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة وهو الآجر، وإن كان لا تبقى منفعته إلى العام القابل لا يفسد العقد.

وذكر شيخ الإسلام في «شرح الإجارات» : إذا شرط على المستأجر أن يردها مكروبة، فإن كان شرط أن يردها مكروبة بكراب في مدة الإجارة، فالعقد فاسد؛ لأن وقت الكراب مجهول قد يكون يوماً وقد يكون يومين أو ثلاثة، وذلك الوقت مستثنى عن الإجارة؛ لأن المستأجر فيه عامل لرب الأرض فيوجب جهالة مدة الإجارة، فتفسد الإجارة، وإن شرط أن يردها مكروبة بكراب يكون بعد الإجارة فالمسألة على وجهين.

إما إن قال صاحب الأرض: أجرّتك هذه الأرض بكذا وبأن تكربها بعد مضي المدة وفي هذا الوجه العقد جائز.

وأما إذا قال: أجرتك بكذا على أن تكربها بعد انقضاء مدة الإجارة وفي هذا الوجه العقد فاسد، وإن أطلق الكراب إطلاقاً ينصرف إلى الكراب بعد العقد، ويصح العقد ولكن جواب هذا الفصل يخالف ظاهر ما ذكرنا ها هنا، ولا يظن به رحمه الله أنه قال ذلك جزافاً، فالظاهر أنه عثر على رواية أخرى بخلاف ما ذكر ها هنا.

وكذلك إذا شرط كري الأنهار على المستأجر يفسد العقد؛ لأنه شرط لا يقتضيه العقد على المستأجر، بل قضية العقد أن يكون على المؤاجر؛ لأنه من جملة التمكين من الانتفاع، فيكون على الآجر فاشتراطه على المستأجر يخالف مقتضى العقد.

ومن مشايخنا من فرق بين الجداول والأنهار، فقال: اشتراط كري الجداول صحيح؛ لأنه لا يبقى أثره بعد مضي السنة أما أثر كري الأنهار يبقى بعد مضي السنة، فيصير الآجر شارطاً عليه عملاً يختص هو بمنفعته، والأول أصح.

وإذا تكارى داراً من رجل سنة بمئة درهم على أن لا يسكنها فالإجارة فاسدة؛ لأنه شرط في الإجارة ما لا يقتضيه العقد، وللمؤاجر فيه منفعة، فإن المستأجر إذا لم يسكن الدار لم يمتلئ بئر الوضوء والمخرج، وإذا سكن بمثل ذلك، والتفريغ على رب الأرض فيتضرر فكان في هذا الشرط منفعة لرب الأرض من هذا الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>