حيض إذا كان الطهر قبله وبعده تاماً، فإذا انقضت أيامها ولم ترَ فيه ما يكون حيضاً بتوقع منها بعده وجود دم الحيض، فإذا وجد كيف ما كان حكم بالبدل منه.
وكذا الذي قبل أيامها إذا كان على إثر طهر تام، فإنه مرئي في وقت كان دم الحيض متوقعاً منها، فجعل هو حيضاً وحكم بالبدل منه تامّاً إذا لم يكن هو على إثر طهر تام، فهو غير مرئي في وقت كان دم الحيض متوقعاً منها؛ لأن المرئي بعد الطهر الناقص لا يكون حيضاً ولم تجىء عادتها بعد، فإذا رأت الدم فقد رأتْهُ في وقت لم تتوقع منها دم الحيض، فأُمرت بالصلاة فيه.
ثم اختلف المشايخ في مراد محمد رحمه الله في قوله: لا يبدل لها قبل أيامها إلا أن يكون على إثر طهر تام، قال الحاكم أبو نصر أحمد بن مهروبه: أراد التصحيح الخالص الذي لا يشوبه دم تؤمر المرأة بالصلاة فيه لا التام مع الفساد، وقال بعض المشايخ: أراد بالتام أن يكون خمسة عشر يوماً، لا أن يكون صحيحاً خالصاً؛ لأن الصحة والخلوص في الطهر إنما يشرط لتنقل العادة؛ لأن الأصل صار عادة لها لرؤيتها الدم الخالص من طهرين خالصين، فلا تنتقل هي إلا برؤيتها، خلافاً على هذه الصفة، فأمّا الخلوص لغير شرط لضرورة الدم بعده حيضاً، وإذا أمكن البدل من موضعين يبدل من أسرعهما، وهو معنى قول محمد رحمه الله في «الكتاب» : إذا أمكن البدل قبل أيامها، وبعد أيامها يبدل لها قبل أيامها، وهذا لأن البدل يعتبر بالأصل وفي الأصل، وهي المبتدأة متى أمكن اعتبار الحيض في الموضعين جعل هو من أسرعهما إمكاناً، فكذا في البدل.
ثم علامة مسائل البدل على قول محمد رحمه الله: أن كل امرأة وجب عليها أن تصلي إلى موضع حيضها الثاني سبعة عشر أو أقل من ذلك، فلا يبدل لها عند محمد رحمه الله، وكل امرأة وجب عليها أن تصلي إلى موضع حيضها الثاني ثمانية عشر أو أكثر من ذلك يبدل لها عنده.
جئنا إلى تخريج المسائل على الأصول فنقول: المرأة إذا كانت عادتها في الدم خمسة، وفي الطهر عشرون وطهرت من اثنين وعشرين ثم استمر بها الدم يجعل حيضها من أول الاستمرار ثلاثة؛ لأنها رأت في أيامها ما يمكن أن يجعل حيضاً، ولو طهرت ثلاثة وعشرون ثم استمر بها الدم، فعند أبي حنيفة رحمه الله: أن تصلي إلى موضع حيضها الثاني، ذلك اثنان وعشرون يوماً، وعند محمد رحمه الله يبدل لها خمسة أيام من أول الاستمرار؛ لأن الباقي بعد الإبدال إلى موضع حيضها الثاني سبعة عشر يوماً، وكذلك إن طهرت أربعة وعشرين أو خمسة وعشرين يوماً ثم استمر بها الدم، فإنه يبدل لها خمسة أيام عند محمد رحمه الله؛ لأن الباقي بعد الإبدال إلى موضع حيضها الثاني ستة عشر أو خمسة عشر، فتدع الصلاة من أول الاستمرار خمسة، ثم تصلي خمسة عشرة ثم تدع خمسة وتصلي عشرين.
ولو طهرت بستة وعشرين يوماً ثم استمر بها الدم فعلى قول أبي يعقوب، وأبي زيد