الْجُمْلَةِ لَمْ يَخُصَّ الْعَقُورَ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْكَلْبَ سَبُعٌ مِنَ السِّبَاعِ، وَأَكْلُهُ حَرَامٌ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ ذَكَرَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ مَا يَأْتِي النَّاسَ فِي مَوَاضِعِهِمْ، وَيَعُمُّ بَلْوَاهُمْ بِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُمُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِقَتْلِهِ، مِثْلُ الْحُدَيَّا، وَالْغُرَابِ، وَالْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لِلْحُكْمِ فَلَا يَجُوزُ إِهْدَارُهُ عَنِ الِاعْتِبَارِ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِدُونِهِ إِلَّا بِنَصٍّ آخَرَ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ قَالَ: وَالسَّبُعُ الْعَادِي، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعُدْوَانُ صِفَةً لَازِمَةً، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ السَّبُعَ الَّذِي يَعْتَدِي، أَوِ السَّبُعَ إِذَا اعْتَدَى وَنَحْوَ ذَلِكَ أَوِ السَّبُعَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى النَّاسِ فَيَأْتِيَهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. كَمَا يُقَالُ: الرَّجُلُ الظَّالِمُ، كَمَا قَالَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ، فَكَانَ ذَلِكَ نَوْعًا خَاصًّا مِنَ الْكِلَابِ ; فَلِذَلِكَ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَوْعًا خَاصًّا مِنَ السِّبَاعِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْعُدْوَانَ الَّذِي فِي طِبَاعِ السِّبَاعِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَفْتَرِسُ غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ لَكَانَتْ جَمِيعُ السِّبَاعِ عَادِيَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَتَبْقَى الصِّفَةُ ضَائِعَةً، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ يَأْتِي لِلتَّوْكِيدِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، لَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّقْيِيدُ لَا سِيَّمَا وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مَعَ أَنَّ الْعُدْوَانَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ صِفَةً تَخُصُّ بَعْضَ السِّبَاعِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصِّفَاتِ أَنْ تَكُونَ لِتَمْيِيزِ الْمَوْصُوفِ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الِاسْمِ وَتَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِهَا، وَقَدْ تَجِيءُ لِبَيَانِ حَالِ الْمَوْصُوفِ وَإِظْهَارِهِ وَإِيضَاحِهِ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافٌ لِلْأَصْلِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ فِي إِظْهَارِ الصِّفَةِ فَائِدَةٌ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ أَوْ تَنْبِيهٍ عَلَى شَيْءٍ خَفِيٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُنَا قَالَ: الْعَادِي، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَادِي تَقْيِيدًا لِلسَّبُعِ أَوْ إِخْرَاجًا لِلسَّبُعِ الَّذِي لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute